تتلمذ على مالك جمع كبير من طلبة العلم من مختلف البلاد، وطال عمر مالك وكثر تلامذته، وكثرت محفوظاتهم عنه، وتفرق تلامذته في حياته وبعد وفاته في البلاد حاملين معهم فقه إمام دار الهجرة رحمه الله.
وعلى الرغم من أن المنهج الذي حملوه عن إمامهم منهج واحد، إلا أنه وقع شيء من التمايز بين تلامذته الذين تفرقت بهم الديار، وكان ذلك نتيجة طرائق الاستدلال التي اعتمدها كل فريق، ونتيجة إلى مدى علم كل فريق بالأحاديث وأقوال الصحابة، ويمكن إعادة هذا التمايز إلى الاختلاف في الأصول التي يعتمد عليها في الاستدلال.
ولا يمكن أن نغفل تأثير البيئة التي يعيش فيها كل فريق في منهجه وطريقة تفكيره، فالعراقيون تأثروا بفقه أهل الرأي على نحو لم يتأثر به المدنيون.
ولا شك أن طريقة تلامذته المدنيين هي التي تمثل طريقة الإمام، ففي المدينة عاش الإمام، وتأصل فقهه، ونما غرسه، وقد حمل فقهه فيها علماء أعلام كابن الماجشون، وابن دينار، وابن أبي حازم، وابن سلمة، وابن نافع وغيرهم.
وطريقة العراقيين من فقهاء المالكية أوجدها تلامذة الإمام وأتباعه في تلك الديار، كابن مهدي، والقعنبي، وإسماعيل القاضي.
وقد تأثرت طريقة العراقيين من فقهاء المالكية بطريقة أهل الفقه التقديري الفرضي من أهل الرأي، ونزعت إلى ما نزعوا إليه من الحوار والجدل، وتلاشى فقهاء المالكية العراقيين من العراق، وانقطعوا بعد منتصف القرن الخامس الهجري.
وحل بمصر علماء أعلام من تلامذة الإمام مالك أمثال ابن القاسم، وأشهب، وابن وهب، وأصبغ، وابن عبد الحكم، وغيرهم، وكانت