للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثامناً: التقليد جهل وليس بعلم:

وفي هذا يقول أبو عمر بن عبد البر (١): "قال أهل العلم والنظر: حد العلم التبيين، وإدراك المعلوم على ما هو يه، فمن بان له الشيء فقد علمه، قالوا: والمقلد لا علم له، ولم يختلفوا في ذلك، ومن ها هنا -والله أعلم- قال البحتري:

عرف العالمون فضلك بالعلم. . . وقال الجهال بالتقليد

وأرى الناس مجمعين على. . . فضلك من بين سيد ومسود

ويقول في موضع آخر: "حدّ العلم عند المتكلمين في هذا المعنى هو ما استيقنته وتبينته، وكل ما استيقن شيئاً وتبينه فقد علمه، وعلى هذا لم يستيقن الشيء، وقال به تقليد فلم يعلمه.

والتقليد عند جماعة العلماء غير الاتباع، لأن الاتباع هو أن تتبع القائل على الاتباع، لأن الاتباع هو أن تتبع القائل على ما بان لك من فضل قوله وصحة مذهبه، والتقليد أن تقول بقوله وأنت لا تعرفه، ولا وجه القول، ولا معناه، وتأبى من سواه، أو أن يتبين لك خطؤه، فتتبعه مهابة خلافه، وأتت قد قد بان لك فساد قوله، وهذا محرم القول به في دين الله سبحانه، والعلم عند غير أهل اللسان العربى فيما ذكروا يجوز أن يترجم باللسان العربي، ويترجم معرفة، ويترجم فهماً" (٢).

تاسعاً: المقلدون مخالفون لمنهج أئمتهم:

ومما يدل على بطلان التقليد أن المقلدين مخالفون لمنهج الأئمة، رضوان الله عليهم، فطريقة الأئمة اتباع الحجة والدليل وترك التقليد، وعدم تقليد واحد بعينه، فمن ألزم تقليد الرجال من غير دليل، فليس بمتبع للأئمة.

وقد تواتر النقل عن الأئمة بالنهي عن تقليدهم، أو تقليد أحد من


(١) جامع بيان العلم: ٢/ ١٤٢ - ١٤٣.
(٢) جامع بيان العلم: ٢/ ٤٥.

<<  <   >  >>