للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن مذهبه غير من نقلته عنه (١).

٥ - كان هدف الأئمة جميعًا من وراء ما قرروه من أحكام هو الوصول إلى حكم الله في مسائل الفقه المختلف فيها، وقد مرَّ معنا أن مصادرهم الأصلية في ذلك واحدة، ولذلك عندما كانوا يتحاورون ينزعون منزعًا متقاربًا فيما يعتمدون عليه ويأصلونه، فلم يكونوا كما هو الحال عند فرق النصارى أو الفرق المخالفة لأهل السنة والجماعة.

ولذلك فإننا عندما نرجع في المسألة الواحدة إلى اجتهاداتهم نرى أنه يقترب بعضها من بعض في الطريقة والمأخذ، بل وفي النتائج والأحكام، وقد يكون التقارب بين مذهبين أكثر من التقارب في المذهب الواحد أحيانًا.

٦ - هذا التوجه هو مقتضى ما وصى به الأئمة أتباعهم وتلاميذهم فكلهم طالب أتباعه باتباع الحق وإن خالف قوله، ولو قام الأئمة من قبورهم ورأوا ما عليه أتباعهم اليوم من مخالفتهم لما أمروا به لتبرؤوا من ذلك، ونهوا عنه.

٧ - هذا التوجه هو منهج العلماء الأعلام من أصحاب المذاهب الذين عرضوا أقوال علماء المذهب وأقوال فقهاء الأمصار جنبًا إلى جنب، مع ذكر أدلة كل قول، وذكر الراجح، ومن خير من سار هذا المسار ابن قدامة في كتابه المغني، والنووي في المجموع، وابن عبد البر في الاستذكار، وهو منهج الفقهاء الأعلام من أهل الحديث أمثال ابن حجر في كتابه القيم فتح الباري.

٨ - رأينا كثيرًا من الأعلام في كل مذهب من يترك مذهب إمامه في بعض المسائل، ويأخذ بقول غيره إذا تبين له رجحان دليله، وضعف دليل إمامه.


(١) المصدر السابق.

<<  <   >  >>