للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم تدون، ولم تضبط، ولكن جوز بعضهم ذلك في غير الإفتاء كما قال:

وجائز تقليد غير الأربعة … في غير الإفتاء وفي هذا سعة

ومن الذين منعوا تقليد غير الأربعة ابن الصلاح" (١).

ومن الذين ذهبوا إلى عدم جواز تقليد الصحابة الأسنوي، وقد تابع في ذلك ابن برهان في كتابه (الأوسط)، وعلل ذلك بعدم تدوين مذاهبهم وعدم ضبطها، فلا يتمكن المقلد من الاكتفاء بها، ويؤديه ذلك إلى الانتقال، ويذكر عن إمام الحرمين في (البرهان) أنه قال: أجمع المحققون على أن العوام ليس لهم أن يتعلقوا بمذهب أعيان الصحابة رضي الله عنهم، بل عليهم أن يتبعوا مذاهب الأئمة الذين سبروا فنظروا، وبوبوا الأبواب، وذكروا أوضاع المسائل وجمعوها، وهذبوها، وبينوها (٢).

وبعض الذين يوجبون تقليد واحد من الأربعة يروق أن أقوال الأئمة، رضوان الله عليهم، مقدمة على نصوص الكتاب والسنة الواضحة الصريحة، ويحرمون على المقلد أن يأخذ من المذاهب الأخرى، ويتعللون لذلك بعلل سقيمة، كقولهم: علماؤنا السابقون أعلم منا بالنصوص، وربما اطلعوا على شيء لم نطلع عليه، وربما كان هذا منسوخا، أو لا يراد ظاهره.

وقد اشتط بعض المقلدين، حتى إن بعض الحنفية -غفر الله لهم- زعموا أن عيسى بن مريم عندما ينزل في آخر الزمان والمهدي عندما يبعثه الله، يحكمان بمذهب أبي حنيفة (٣).

هذا أبو الحسن الكرخي رئيس الحنفية في العراق في عصره يقول: "كل آية تخالف ما عليه أصحابنا، فهي مؤولة أو منسوخة، وكل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ" (٤).


(١) عمدة التحقيق: ص ٨٥.
(٢) التمهيد، للأسنوي: ص ١٦١.
(٣) حاشية ابن عابدين: ١/ ٣٩.
(٤) أصول الكرخي المطبوع مع تأسيس النظر: ٨٤.

<<  <   >  >>