للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد شرح به مذهب الشافعي، ذاكرًا فيه أقواله، مع بيان الجديد والقديم منهما، ثم يذكر أقوال الأئمة أبي حنيفة ومالك، وأحمد الموافقة والمخالفة للمذهب، وهو دائم الانتصار لمذهب الشافعي فيما خالفوه فيه.

ثم يتبع ذلك بذكر أقوال الأصحاب، وإن كان لهم وجهان ذكرهما، ويخطئ ما يراه خاطئًا، ويصوب ما يراه صوابًا، ومن الكتب الكبار في مذهب الشافعية (كتاب نهاية المطلب في دراية المذهب) لإمام الحرمين، قال فيه ابن خلكان: "ما صنف في الإسلام مثله".

ونهاية المطلب -كما يقول محقق كتاب الوسيط خلاصة للفقه الشافعي استخلصه إمام الحرمين من كتب الإمام الشافعي ككتاب "الأم" و"الرسالة" وغيرهما، ومن كتب أصحابه كمختصر المزني، والبويطي، وغيرهما، ومن كتب أصحاب الوجوه والترجيحات، بالإضافة إلى ما جاد به قريحة إمام الحرمين من استنباطات وترجيحات، وتفريعات، معتمدًا على كتاب الله وسنة رسوله، والأدلة المعتبرة. وما ذكره من آراء لأئمة المذاهب الآخرين، ومناقشاته القوية البليغة معهم" (١).

وقد قام الغزالي تلميذ الجويني باختصار كتاب شيخه (نهاية المطلب في دراية المذهب) في كتابه (البسيط)، ومع ذلك فإنه جاء في ثمانية مجلدات مما دعاه إلى اختصاره في كتابه (الوسيط)، وفي ذلك يقول الغزالي: "فإني رأيت الهمم في طلب العلوم قاصرة، والآراء في تحصيلها فاترةً، وكان تصنيفي: (البسيط في المذهب) مع حسن ترتيبه وغزارة فوائده، ونقائه عن الحشو والتزويق، واشتماله على محض المهم، وعين التحقيق مستدعيًا همةً عاليةً، ونيةً مجردةً عما عدا العلم خالية، وهي عزيزة الوجودِ مع ما استولى على النفوس من الكسل والفتور، وصار (بحيث) لا يظفُر بها إلا على الندور، فعلمتُ أن النزول إلى حد الهمم حتمٌ، وأنَّ تقديرَ المطلوب على قدْرِ همةِ الطالبِ حزمٌ، فصنفتُ هذا الكتاب وسميته (الوسيط في المذهب) نازلاً


(١) الوسيط للغزالي: ١/ ٢٤٣.

<<  <   >  >>