للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اجتمع عليه منْ قول أهل الفقه والعلم لم يختلفوا فيه، وما قلت: "الأمر عندنا" فهو ما عمل به الناس، وجرت به الأحكام، وعرفه الجاهل، والعالم، وكذلك ما قُلتُ فيه: "ببلدنا"، وما قلت فيه: "بعض أهل العلم"، فهو شيء أستحسنه من قول العلماء. وأمّا ما لم أسمع منهم، فاجتهدت ونظرت على مذهب من لقيته، حتى وقع ذلك موقع الحق أو قريباً منه، حتى لا يخرج عن مذهب أهل المدينة وآرائهم، وإن لم أسمع ذلك بعينه فما نسبت الرأي إليَّ إلا بعد الاجتهاد مع السنة، وما مضى عليه عمل أهل العلم المقتدى بهم، والأمر المعمول عندنا به -منذ لدن- رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأئمة الراشدين مع من لقيت، فذلك رأيهم ما خرجت إلى غيره" (١).

ولكن الكثير الغالب عدم تحديد الإمام لمراده من تعبيراته التي تختلف العقول في فهمها، وهنا يختلف أصحابه وأتباع مذهبه في فقه كلامه، وتحديد مراده.

ولأضرب في هذا مثالاً بما ورد عن الإمام أحمد مما اختلف أصحابه وفقهاء مذهبه في فهم مراده منه.

فقد اختلفوا في قوله: "أكره، أو لا يعجبني، أو لا أحبه، أو لا أستحسنه، أو يفعل السائل كذا احتياطاً" فقال بعضهم: هذه التعبيرات تدل على التحريم، وقال آخرون تدل على التنزيه.

لماذا قال الإمام: "أحب كذا، أو يعجبني كذا، أو هذا أعجب إلي" فهو للندب على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير علماء المذهب، وقال بعض علماء الحنابلة هذه الألفاظ تفيد الوجوب. وإذا قال في مسألة: "أجبن عنه". قالوا: هذا يعني الجواز، وقيل: الكراهة.

وإذا قال: "أخشى، أو أخاف أن يكون، أو لا يكون" ظاهر في المنع.

وقيل هو كقوله: يجوز، أو لا يجوز. وقيل: بالوقف" (٢).


(١) الديباج المذهب، لابن فرحون: ٢٥.
(٢) الإنصاف للمرداوي: ١٢/ ٢٤٨ - ٢٤٩. وقد أطال المرداوي في ذكر الصيغ الواردة عن الإمام أحمد، وبيان مراده منها، فارجع إليه إن شئت.

<<  <   >  >>