للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يفتي بقولنا ما لم يعلم من أين قلناه" (١)، قال الفلاني: "ومعنى قوله: من أين قلناه: أي ما لم يعلم دليل قولنا وحجته، وفي هذا إشارة إلى أنه لا يبيح لغيره تقليده فيما يقول بغير دليل" (٢).

وقال الربيع بن سليمان: "سمعت الشافعي يقول: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقولوا بسنته، ودعوا ما قلت" (٣).

وقال الشافعي: "كل مسألة تكلمت فيها بخلاف السنة فأنا راجع عنها في حياتي وبعد مماتي" (٤).

وقال الإمام مالك: "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافقهما فاتركوه" (٥).

وقال الإمام أحمد: "من رد الحديث فهو على شفا هلكه" (٦).

وكثير من أتباع الأئمة في عصرهم تركوا مذهب إمامهم في المسائل التى بلغهم فيها عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما لم يبلغ أئمتهم، هذا الإمام أبو يوسف صاحب أبى حنيفة يسأل الإمام مالك عن صدقة الخضروات، فقال مالك: هذه مباقيل أهل المدينة، لم يؤخذ منها صدقة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أبى بكر ولا عمر رضي الله عنهما، يعني وهي تنبت الخضروات، فقال أبو يوسف: قد رجعت يا أبا عبد الله، ولو رأى صاحبي "يعني أبا حنيفة" ما رأيت، لرجع كما رجعت (٧).


(١) إيقاظ همم أولي الأبصار: ص ٥٢.
(٢) المصدر السابق.
(٣) كتاب المؤمل للرد للأمر الأول لأبي شامة. مجموعة الرسائل المنيرية: ٣/ ٢٧.
(٤) المصدر السابق: ٣/ ٣١.
(٥) معنى قول المطلبي إذا صح الحديث فهو مذهبي: ٣/ ١٠٥.
(٦) مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي: ص ١٨٢.
(٧) صحة أصول أهل المدينة: ص ٢٥.
وسيأتي ذكر جملة من أقوال الأئمة وأقوال أتباعهم في هذا الموضوع في الباب الثالث من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>