للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سمع أو رأى، والثاني: ما ينقل باجتهاد واستنباط.

وقول القائل: مذهب فلان كذا، أو مذهب أهل السنة كذا، قد يكون نسب إليه لاعتقاده أن هذا مقتضى أصوله، وإن لم يكن فلان قال ذلك، ومثل هذا يدخله الخطأ كثيرا، ألا ترى أن كثيرا من المصنفين يقولون: مذهب الشافعي أو غيره كذا، ويكون منصوصه بخلافه، وعذرهم في ذلك أنهم رأوا أن أصوله تقتضي ذلك القول، فنسبوه إلى مذهبه من جهة الاستنباط، لا من جهة النص" (١).

تحقيق القول في المسألة:

نقلت في الفقرة السابقة أقوال العلماء واختلافهم في القياس على قول إمام المذهب، وجعل الحكم في المسألة المقيسة مذهباً للإمام، ومن خلال النظر في أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وما ورد عنهم فيها، تبين في التفصيل التالي:

١ - إذا نص الإمام على حكم في مسألة، وبين علة الحكم ما هي، ثمَّ وجد أصحابه وعلماء مذهبه تلك العلة في مسائل أخر، فمذهبه في تلك المسائل كمذهبه في المسألة المنصوص عليها، لأنَّ الحكم يتبع علته، فيوجد حيث وجدت (٢).

وقد مثل الشيخ محمد الأمن الشنقيطي لهذا بإيجاب المالكية الزكاة في التين، مع أنَّ مالكاً لم يذكر في التين زكاة، وإنما ألحقوا التين بالثمار التي يجب فيها الزكاة، لأنَّ علة الزكاة في الثمار عند مالك هي: "الاقتيات والادخار".

فلما كان الاقتيات والادخار موجوداً في التين جعل بعض أصحاب مالك الزكاة فيه كالزبيب بمقتضى علته المذكورة، ولذا قال ابن عبد البر: أظن مالكاً


(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام: ١١/ ١٣٧.
(٢) شرح مختصر الروضة: ٣/ ٦٣٨ المدخل لابن بدران: ص ١٨٨. الإنصاف: ١٢/ ٢٤٤.

<<  <   >  >>