للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سأل ابن القيم شيخه ابن تيمية عن الفرق بينهما، فاستنتج فرقاً لطيفاً، فقال: لأن الحق في الجنازة للميت، فلا يترك حقه لما فعله الحي من المنكر، والحق في الوليمة لصاحب البيت، فإذا أتى فيها بالمنكر فقد أسقط حقه من الإجابة" (١).

٤ - فإن لم ينص الإمام على العلة، ولم يعرف الفرق، فالذي يترجح لديَّ أنه لا يجوز القياس، وقد قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى قولاً جعله العلماء قاعدة، قال "لا ينسب لساكت قول" (٢).

٥ - وإذا نصَّ إمام المذهب على مسألتين بحكمين مختلفين لم يجز أن ينقل حكم إحداهما إلى الأخرى، ويخرجه قولا له فيها، فيصير له فيها قولان، بل هذا أولى بالمنع، لأنه إذا لم يجز نقل حكم المنصوص عليه إلى المسكوت عنه الذي لم ينص عليه بنفي ولا إثبات، فأولى أن لا ينقله إلى منصوص عليه بنقيض الحكم، لأنا في الأول نكون قولناه ما لم يقله مع أنه لو قال في المسألة المسكوت عنها لجاز أن يقول كما قوّلناه فيها، وفي الثانية قولناه نقيض ما قال، فلا يتصور موافقته لنا فيها الآن بحال (٣).

وقد ذكر المرداوي أن صحيح مذهب الحنابلة أن هذا النوع من التخريج لا يعد مذهباً للإمام، وإنما يكون القول المخرج وجهاً لمن خرجه (٤).

٦ - رام بعض الفقهاء أن يقيس على مفهوم قول الإمام، وفعله، وتقريره، وخالفهم في هذا غيرهم، والحق أن ما لم ينص عليه الإمام لا يجوز أن يقاس عليه بحال.


(١) إعلام الموقعين: ٤/ ٢٦٧.
(٢) الأشباه والنظائر للسيوطي: ص ١٤٢.
(٣) شرح مختصر الروضة: ٣/ ٦٣٩ المدخل لابن بدران: ص ١٨٨.
(٤) الإنصاف: ٢/ ٢٤٥.

<<  <   >  >>