للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَهْلِ ضَرِيَّةَ.

ضَرِيَّةُ لَا زَالَتْ مَعْرُوفَةً فِي شُرَفِ نَجْدٍ) وَأَنَّ أَهْلَ ضَرِيَّةَ اسْتَعَانُوا بِالْقَرَامِطَةِ عَلَى أَهْلِ الرَّبَذَةِ، فَارْتَحَلَ أَهْلُ الرَّبَذَةِ فَخَرِبَتْ، وَكَانَتْ مِنْ أَحْسَنِ الْمَنَازِلِ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ.

ثُمَّ يَقُولُ - عَنْ نَصْرٍ -: الرَّبَذَةُ مِنْ مَنَازِلِ الْحَاجِّ بَيْنَ السَّلِيلَةِ وَالْعَمْقِ. وَهَذَا وَهْمٌ مِنْ نَصْرٍ، فَالرَّبَذَةُ تَقَعُ بَيْنَ السَّلِيلَةِ وَمَاوَانَ، وَكِلَاهُمَا شَمَالَ الْعَمْقِ، عَلَى طَرِيقِ الْحَاجِّ الْمَعْرُوفِ بِدَرْبِ زُبَيْدَةَ، وَهِيَ الْيَوْمَ خَرَابٌ وَبَقَايَا آثَارِ بِرَكٍ فِي الشَّرْقِ إلَى الْجَنُوب مِنْ بَلْدَةِ الْحِنَاكِيَّةِ.

وَالْحِنَاكِيَّةُ: بَلْدَةٌ عَلَى مِائَةِ كَيْلٍ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى طَرِيقِ الْقَصِيمِ، وَتَبْعُدُ الرَّبَذَةُ شَمَالَ مَهْدِ الذَّهَبِ (مَعْدِنُ بَنِي سُلَيْمٍ سَابِقًا)، عَلَى (١٥٠) كَيْلًا مُقَاسَةً عَلَى الْخَرِيطَةِ، وَمِيَاهُهَا تَتَّجِهُ إلَى الْغَرْبِ فَتَصُبُّ فِي الْعَقِيقِ الشَّرْقِيِّ.

وَقَوْلُ يَاقُوتَ: إنَّ الرَّبَذَةَ تَخَرَّبَتْ سَنَةَ (٣١٩)، لَا يَعْنِي أَنَّهَا انْدَثَرَتْ مِنْ ذَلِكَ التَّارِيخِ، إذْ وُجُودُهَا عَلَى الطَّرِيقِ الَّتِي ظَلَّتْ هِيَ طَرِيقَ حَاجِّ الْعِرَاقِ حَتَّى مُنْتَصَفِ الْقَرْنِ الْمُنْصَرِمِ يَجْعَلُهَا عَامِرَةً وَلَوْ بَعْضَ الشَّيْءِ، لِأَنَّ هَذَا الْحَاجَّ لَا بُدَّ أَنْ يَحُطَّ بِهَا، إذْ أَنَّهَا تَأْتِي بَعْدَ النَّقْرَةِ وَمَاوَانَ، ثُمَّ تَأْتِي بَعْدَهَا السَّلِيلَةُ، وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْمَحَطَّاتِ تَبْعُدُ عَنْ الَّتِي تَلِيهَا بِمَرْحَلَةِ، أَيْ مِنْ الْمُتَعَذِّرِ - مَثَلًا - أَنْ يَرْحَلَ الْحَاجُّ مِنْ ماوان فَيَتَجَاوَزُ الرَّبَذَةَ وَيَحُطُّ فِي السَّلِيلَةِ. غَيْرَ أَنَّ الْمُحَيِّرَ أَنَّ اسْمَ الرَّبَذَةِ قَدْ اخْتَفَى، فَالْأَهَالِي لَا يَعْرِفُونَ الرَّبَذَةَ، وَلَكِنْ يَعْرِفُونَ بِرْكَةَ أَبُو سُلَيْمٍ. فَالِاسْمُ - إذًا - قَدْ تَغَيَّرَ مِنْ زَمَنٍ بَعِيدٍ.

<<  <   >  >>