الْحَبَشَةُ يَتَكَرَّرُ فِي السِّيرَةِ اسْمُ الْحَبَشَةِ وَمَلِكِ الْحَبَشَةِ وَالْأَحْبَاشِ. وَالْحَبَشَةُ: اسْمٌ لِلْأَمَةِ أُطْلِقَ عَلَى أَرْضِهِمْ، وَتُسَمَّى دَوْلَتُهُمْ أَثْيُوبْيَا، وَهِيَ تَضُمُّ أَرَاضِيَ إسْلَامِيَّةً إلَى جَانِبِ أَرْضِهِمْ.
وَأَرْضُ الْحَبَشَةِ: هَضْبَةٌ مُرْتَفِعَةٌ غَرْبَ الْيَمَنِ بَيْنَهُمَا الْبَحْرُ، وَعَاصِمَتُهَا أَدِيسْ أَبَابَا، وَلَهُمْ صِلَاتٌ قَدِيمَةٌ مَعَ الْعَرَبِ، وَلِمَلِكِهِمْ مَوْقِفٌ يُذْكَرُ وَيُشْكَرُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ الْأَوَائِلِ الَّذِينَ هَاجَرُوا إلَيْهِ فَوَجَدُوا فِي كَنَفِهِ مَلْجَأً وَحُسْنَ جِوَارٍ.
وَالْحَبَشَةُ نَصَارَى، غَيْرَ أَنَّ الْإِسْلَامَ زَحَفَ عَلَى بِلَادِهِمْ مِنْ زَمَنٍ بَعِيدٍ فَأَسْلَمَتْ أَطْرَافُهَا مِنْ كُلِّ اتِّجَاهٍ، وَبَقِيَتْ الْهَضْبَةُ حَوْلَ أَدِيسْ أَبَابَا مُتَمَسِّكَةً بِشِدَّةِ بالنصرانية وَلَا زَالَ الْإِسْلَامُ يَتَكَاثَرُ فِي الْعَاصِمَةِ نَفْسِهَا، وَالْإِسْلَامُ هُنَاكَ لَيْسَ مَفْرُوضًا بِالْقُوَّةِ، إنَّمَا هُوَ يَنْتَشِرُ بِالدَّعْوَةِ الْفَرْدِيَّةِ وَبِالِاحْتِكَاكِ وَالْجِوَارِ. وَقَدْ تَحَوَّلَتْ أَثْيُوبْيَا مُنْذُ سَنَوَاتٍ إلَى جُمْهُورِيَّةٍ وَطُرِدَ النَّجَاشِيُّ.
وَمِنْ هَذِهِ الإمبراطورية أَقَالِيمُ أَصْبَحَتْ عَرَبِيَّةً، مِثْلَ: أَرِيتْرِيَا، وَهِيَ أَرْضٌ تَلِي الْبَحْرَ الْأَحْمَرَ تَبْدَأُ مِنْ مَضِيقِ بَابِ الْمَنْدَبِ جَنُوبًا إلَى جَنُوب «طوكر» فِي السُّودَانِ. وَمِنْ مُدُنِ هَذَا الْإِقْلِيمِ: أَسْمَرَةُ: (الْعَاصِمَةُ) وَمَصُوعُ: الْمِينَاءُ الرَّئِيسِيُّ، وَكَانَتْ تُسَمَّى بَاضِعَ، وَإِلَيْهَا هَاجَرَ الصَّحَابَةُ فِي هِجْرَةِ الْحَبَشَةِ، وَعَصَبُ: مِينَاءٌ فِي آخِرِ الْجَنُوب قُرْبَ عُدُول مِنْ أَرْضِ الدّنَاكِلِ.
وَهَذَا الْإِقْلِيمُ - لَوْ تَحَرَّرَ وَاسْتَقَلَّ - حَجَبَ الْأَحْبَاشَ عَنْ الْبَحْرِ الْأَحْمَرِ نِهَائِيًّا، وَهَذَا مِنْ أَهَمِّ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَجْعَلُهُمْ يَتَمَسَّكُونَ بِأَرِيتْرِيَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute