للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ نِصْفِ قَامَةٍ، وَيُفْتِي الْعُلَمَاءُ أَنَّ صَلَاةَ الْفَرِيضَةِ لَا تَصِحُّ فِيهِ، ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ الْكَعْبَةِ نَفْسِهَا فِيمَا يُرْوَى فِي تَأْرِيخِ مَكَّةَ وَحَدِيثٍ عَنْ عَائِشَةَ ; قَالُوا: إنَّ قُرَيْشًا عِنْدَمَا أَعَادَتْ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ قُبَيْلَ الْبَعْثَةِ قَصَرَتْ بِهِمْ النَّفَقَةُ فَتَرَكُوا الْحِجْرَ، ثُمَّ حَجَرُوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْجِدَارِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ بِصَحْنِ الْمَطَافِ.

وَلَكِنَّ النَّصَّ الْمُتَقَدِّمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَجَرَ كَانَ مَعْرُوفًا فِي زَمَنِ إسْمَاعِيلَ، وَأَنَّهُ دُفِنَ فِيهِ بَعْدَ بِنَاءِ الْكَعْبَةِ.

وَالْحِجْرُ (حِجْرُ ثَمُودَ) قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ، فِي خَبَرِ مَسِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى تَبُوكَ: وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَرَّ بِالْحِجْرِ نَزَلَهَا، وَاسْتَقَى النَّاسَ مِنْ بِئْرِهَا، فَلَمَّا رَاحُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا، وَتَتَوَضَّئُوا مِنْهُ لِلصَّلَاةِ، وَمَا كَانَ مِنْ عَجِينٍ عَجَنْتُمُوهُ فَاعْلِفُوهُ الْإِبِلَ، وَلَا تَأْكُلُوا مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا يَخْرُجُنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ اللَّيْلَةَ إلَّا وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ.

قُلْت: الْحِجْرُ، مَا زَالَ يُعْرَفُ بِاسْمِهِ، وَهُوَ وَادٍ يَأْخُذُ مِيَاهَ جِبَالِ مَدَائِنِ صَالِحٍ (أَرْضُ ثَمُودَ) ثُمَّ يَصُبُّ فِي صَعِيدِ وَادِي الْقُرَى فَيَمُرُّ سَيْلُهُ بِالْعُلَا: الْمَدِينَةُ الْمَعْرُوفَةُ، وَبِالتَّحْدِيدِ، الْحِجْرُ: رَأْسُ وَادِي الْقُرَى، وَأَهْلُهُ الْيَوْمَ قَبِيلَةٌ عَنَزَةَ، وَبِهِ زِرَاعَةٌ حَسَنَةٌ، وَأَهَمُّ مَا هُنَالِكَ عَجَائِبُ آثَارِ ثَمُودَ، وَتَبْعُدُ الْمِنْطَقَةُ الْمُحَرَّمَةُ مِنْ الْحِجْرِ قَرَابَةَ (٢٢) كَيْلًا مِنْ مَدِينَةِ الْعُلَا شَمَالًا، وَالْعُلَا: عَلَى (٣٢٢) كَيْلًا عَلَى سِكَّةِ الْحَدِيدِ، شَمَالَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ، وَأَصْبَحَ وَادِي الْقُرَى يُسَمَّى وَادِيَ الْعُلَا.

الْحُجُونُ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ، وَآخِرُهُ نُونٌ:

<<  <   >  >>