للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التعريف بالمؤلف (*)

علّامة الحجاز: عاتق بن غيث البلادي

عبد اللطيف بن محمد الحميد

قسم التاريخ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

• في يوم الاثنين ١/ ٣/١٤٣١هـ توفي بمكة المكرمة العلامة المؤرخ النسابة العصامي عاتق بن غيث البلادي - رحمه الله - وهو من جيل الرواد في المملكة العربية السعودية الذين كان في طليعتهم أحمد السباعي وأحمد عبد الغفور عطار وعبد القدوس الأنصاري وأمين مدني وأحمد الخياري ومحمد البليهد وحمد الجاسر وعبدالله بن خميس ومحمد العبودي وسعد بن جنيدل ومحمد العقيلي وأبو عبد الرحمن بن عقيل وغيرهم.

• له أكثر من اثنين وأربعين كتابا في البلدانيات والتاريخ والإنساب والرحلات .. زرته مرتين في منزله ودار النشر الخاصة به (دار مكة) بساحة إسلام بمكة المكرمة، الأولى عام ١٤١٨هـ، والأخرى بعدها بعشر سنوات فوجدته عالما وقورا سمحا متواضعا بعيدا عن الأضواء .. عصاميا في سيرته ومسيرته.

• وردت ترجمته في كتب التراجم المعاصرة .. ولعل أوفاها ترجمته لنفسه في كتابه (نشر الرياحين في تراجم مؤرخي مكة وجغرافيتها) نقتبس منها ما يهم القارئ الكريم ويوثق حياته وأعماله العلمية المباركة فهو: (عاتق بن غيث بن زوير البلادي، والبلادية فرع من قبيلة حرب، ولد في بادية شمال مكة في مكان يدعى (ميسر) بسفح جبل يدعى أبيض في ٣/ ١٠/١٣٥٢هـ، ونشأ في تلك البادية راعيا متنقلا مع أبويه حيث كان والده قصاصا نسابا شاعرا ينتجع ما بين وادي الفرع شمالا إلى وادي عرنة جنوب مكة، أما المرابع فشمال الهضاب إلى جنوب عسفان إلى شمال أم المؤمنين بين مكة ووادي فاطمة، وفي الصيف (القيظ) حول نخيلهم في (محجوبة) قرية شمال مكة بمائة وعشرين كيلا من أعالي وادي خليص .. فكانت تلك مدرسته الأولى في الترحال وحفظ القصص والأشعار.

• وفي عام ١٣٦٤هـ توفي والده - رحمه الله-، فنزل عاتق مكة المكرمة، ودرس في المدرسة السعدية وفي المسجد الحرام .. ثم انتقل إلى الطائف ليعمل في الجيش، ثم واصل دراسته وتخرج في مدرسة المشاة برتبة وكيل ضابط .. وكان ضمن اللواء السعودي الذي أرسل تعزيزا للجيش الأردني في العدوان الثلاثي على قناة السويس.

• وفي أثناء مكوثه في الأردن حصل على دبلوم معهد دار عمان العالي وعلى ثلاث دورات عسكرية، وتدرج في الرتب العسكرية إلى رتبة مقدم، وحصل على دورات في الجيش منها دبلوم دورة معهد اللغات.

• وكان من بين أعماله في السلك العسكري ركن عمليات الفوج الأول بالمنطقة الشمالية ثم قيادة الفوج، وفي ١٣٩٦هـ انتقل إلى سلاح حرس الحدود وتسلم قيادة قطاع رابغ، ثم رئيسا للمجلس العسكري بسلاح الحدود بجدة .. وتقاعد في ١٣٩٧هـ ليتفرغ لأعماله وأبحاثه العلمية في تراث الحجاز وأدبه وتاريخه وجغرافيته.

• له من الأبناء غيث وسعد وحسين وسلطان ومحمد، والبنات ليلى وفاطمة ومرزوقة وأروى ونجاة وعائشة وهاجر وهند ونورة - وفقهم الله وبارك فيهم.

• بدأ البلادي الكتابة والتحقيق والنشر في صحف الندوة وعكاظ والقصيم في مرحلة مبكرة، وظهرت مقالاته في مجلتي المنهل والعرب منذ عام ١٣٨٨هـ .. وكان يعزز أبحاثه ومؤلفاته برحلاته الميدانية مما جعله في عداد الرحالة السعوديين المشهورين وله في ذلك منهج ممتع وطريف، إذ قام برحلات داخل المملكة وخارجها ونتج عن معظمها مؤلفات .. وأطول رحلاته تلك التي قطع بها مسافة سبعة آلاف كيل بالسيارة عبر (مكة - عمان - دمشق - بيروت - اللاذقية - حلب - حماة - حمص - بغداد - البصرة - الكويت - الدمام - الرياض - مكة).

ويمكن تصنيف أعماله العلمية على النحو الآتي:

• أولا: في مجال المؤلفات البلدانية:

- كتب البلادي سبعة مؤلفات قيمة هي: (معجم معالم الحجاز) في عشرة أجزاء، و (معالم مكة التاريخية والأثرية) و (المعالم الجغرافية في السيرة النبوية) و (قلب الحجاز) و (أشهر أودية الحجاز وروافدها وقراها وسكانها) و (أودية مكة المكرمة) و (الميضاح - تصحيحاته على ما نشر عن الجزيرة العربية) و (خيبر ذات الحصون والعيون والنخيل).

- ولعل كتابه الأول معجم معالم الحجاز من أهم مؤلفاته قاطبة، إذ جمع فيه ما دونه الأوائل وأضاف مشاهداته وتصحيحاته، وهو بذلك يكمل المشروع السعودي البلداني للبليهد والجاسر وابن خميس والعبودي وابن جنيدل والعقيلي.

• ثانيا: في مجال المؤلفات في الرحلات:

- وقد ألف في ذلك تسعة كتب هي: (على طريق الهجرة - رحلات ومشاهدات لمنطقتي مكة والمدينة) و (رحلات في بلاد العرب - رحلات ومشاهدات في شمال الحجاز والأردن) و (الرحلة النجدية) و (بين مكة وحضرموت - رحلات ومشاهدات في بلاد عسير ونجران والربع الخالي وقبائل اليمن وحضرموت) و (بين مكة واليمن - رحلات ومشاهدات للمنطقة الممتدة من مكة جنوبا بين البحر والسراة قبائلها وجغرافيتها وتاريخها) و (على ربى نجد - رحلات ومشاهدات في مناطق ما بين مكة والقصيم وعالية نجد) و (في قلب جزيرة العرب) و (بين مكة وبرك الغماد) و (الرحلة اليمانية - إعداد وشرح وتعليق).

- وتبرز شخصية البلادي كثيرا في رحلاته معقبا ومستدركا ومدونا كل شاردة وواردة، الأمر الذي أعطى أهمية كبرى في إفادة الأجيال القادمة، ناهيك عن مضامينها الممتعة والطريفة.

وللبلادي باع طويل في تتبع الأنساب وتدوين تاريخ القبائل وخاصة في الحجاز .. وهو تخصص نادر عزفت عنه أقسام التاريخ بالجامعات السعودية بدعوى الحساسيات والخشية من التعنصر .. في حين أن تاريخ القبائل والبوادي في زمن الشتات وفي زمن الوحدة إثراء ورفد لتاريخنا المحلي .. وهو ما أدرك أهميته الرحالة الأجانب .. والبلادي - رحمه الله - كان موضوعيا في طرحه وغير متعصب ولا يتواني في ذكر أية معلومة طالما أسندها لقائلها .. وهذا منهج سار عليه ثقات النسابين والمؤرخين .. ومن كتبه في هذا المجال: (نسب حرب .. تاريخ ونسب) و (معجم قبائل الحجاز) و (رسائل ومسائل في الأنساب والتاريخ والجغرافيا) و (نهاية الدرب في نسب حرب: مستدرك) و (معجم القبائل العربية المتفقة اسما المختلفة نسبا أو ديارا) و (هبة الودود في نسب العرادات ذوي حمود).

• وقد تفاعلت بيئة البادية الأولى واهتمامات البلادي المبكرة والتأثر بوالده في توجهه للتدوين في حقل الأدب العامي - رواية وشعرا، فألف (الأدب الشعبي في الحجاز) و (طرائف وأمثال شعبية في الجزيرة العربية) و (أخلاق البدو في أشعارهم وأخبارهم) و (نسيم الغوادي في مثنيات البلادي).

• وهذا لا يعني أنه أغفل ما يتعلق بالأدب العربي الفصيح، فقد جمع فيه (سقيط الندى وفوح الشذى) و (أمثال الشعر العربي) و (ألحان وأشجان).

• تبرز أوجه موسوعية البلادي أكثر في مصنفاته التاريخية وميدان التراجم، مثل (الإشراف على تاريخ الأشراف) و (المصحح في تاريخ مكة المكرمة) و (معجم الكلمات الأعجمية والغريبة في التاريخ الإسلامي) و (نشر الرياحين في تاريخ البلد الأمين) و (هديل الحمام في تاريخ البلد الحرام) وهما في التراجم و (زهر البساتين المستدرك على نشر الرياحين) و (محراث التراث) و (فضائل مكة وحرمة البيت الحرام) و (حصاد الأيام: ذكريات ومذكرات).

وللبلادي كتب أخرى أكمل بها جهوده العلمية المباركة هي: (فضائل القرآن) و (آيات الله الباهرات) و (أدواء البشر - في الأخلاق والديانة والمعاملات).

(بقية المكيين) عنوان لما كتبه الأخ العزيز الدكتور محمد بن عبدالله المشوح في رثاء البلادي - رحمه الله -، وكان قد التقاه في منزله بمكة قبل رحيله بأيام .. ملحا على دعوته لتكريمه في ثلوثيته بالرياض، وأذكر أن المشوح قد أوصاني في لقائي بالبلادي قبل عامين على تشجيع البلادي للقدوم إلى الرياض لتكريمه ولكنه اعتذر متعللا بصعوبة ذلك صحيا.

والبلادي قد نال جزءا من التكريم، ولكنه لم يكن بحجم أعماله الموسوعية، فحصل على ميدالية مؤتمر الأدباء الأول الشهير عام ١٣٩٥هـ، وعلى جائزة أمين مدني، وعلى تكريم الشيخ الوفي عبد المقصود خوجة [[بجده، ووزارة الثقافة والاعلام كما كرمته أمانة مدينة جدة وأسمت شارع في مدينة جدة باسمه عام ١٤٢٥هـ،]] .. وظهر ما يسر أبناءه وأسرته من ثناء العلماء والأدباء والباحثين والباحثات في الصحف بعد رحيله.

• ولعل من واجب مؤسساتنا العلمية، مثل دارة الملك عبدالعزيز والجمعية التاريخية السعودية ونادي مكة الأدبي، السعي لإقامة ندوات خاصة عنه وتبني نشر أعماله الكاملة في طبعات جديدة.

رحم الله شيخنا البلادي، وبارك في علمه وعقبه آمين.


المصدر: (صحيفة عكاظ)
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: التعريف بالمؤلف هو مقالات ملتقطة من مواقع إنترنت نتفرقة

<<  <   >  >>