وَفِي الْعُصُورِ الْأَخِيرَةِ سُمِّيَتْ «الْفَرْعِيَّةَ» لِأَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ يَقُولُونَ لِلشَّرْقِ فَرْعٌ، وَلِلْغَرْبِ حُدَّرُ.
نَجْرَانُ عَلَى وَزْنِ فَعْلَانَ:
لَهَا ذِكْرٌ كَثِيرٌ فِي السِّيرَةِ، وَلَهَا حَوَادِثُ تَمْلَأُ مُجَلَّدًا مُنْذُ الْجَاهِلِيَّةِ إلَى يَوْمِنَا هَذَا.
وَهِيَ مَدِينَةٌ عَرِيقَةٌ عُرِفَتْ مُنْذُ أَنْ عُرِفَ لِلْعَرَبِ تَارِيخٌ، تَتَكَوَّنُ مِنْ مَجْمُوعَةِ مُدُنٍ صَغِيرَةٍ فِي وَادٍ وَاحِدٍ، وَلِذَا فَكَلَمَّا انْدَثَرَتْ مَدِينَةٌ مِنْ تِلْكَ الْمُدُنِ حَمَلَتْ الْأُخْرَى اسْمَ نَجْرَانَ، وَهِيَ وَادٍ كَبِيرٌ كَثِيرُ الْمِيَاهِ وَالزَّرْعِ، يَسِيلُ مِنْ السَّرَاةِ شَرْقًا حَتَّى يَصُبَّ فِي الرُّبْعِ الْخَالِي، وَتَقَعُ عَلَى الطَّرِيقِ بَيْنَ صَعْدَةَ وَأَبْهَا، عَلَى قُرَابَةِ (٩١٠) أَكْيَالٍ جَنُوبَ شَرْقِيِّ مَكَّةَ، فِي الْجِهَةِ الشَّرْقِيَّةِ مِنْ السَّرَاةِ، وَتَرْبِطُهَا بِكُلِّ مِنْ مَكَّةَ وَالرِّيَاضِ وَشَرَوْرَى فِي الرُّبْعِ الْخَالِي - طَرِيقٌ مُعَبَّدَةٌ، وَلَهَا مَطَارٌ، وَفِيهَا آثَارٌ أَهَمُّهَا مَدِينَةُ الْأُخْدُودِ - قَدْ ذُكِرَتْ - وَمَا كَانَ يُعْرَفُ بِكَعْبَةِ نَجْرَانَ. كَانَ قِوَامَ أَهْلِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَصَدْرِ الْإِسْلَامِ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ مِنْ مَذْحِجَ، وَقِوَامُ أَهْلِهَا الْيَوْمَ قَبِيلَةُ يَامٍ الْهَمْدَانِيَّةِ. وَقَدْ أَفَضْت فِي الْحَدِيثِ عَنْهَا فِي كِتَابِي «بَيْنَ مَكَّةَ وَحَضْرَمَوْتَ» بَلْ لَمْ يُؤَلَّفْ ذَلِكَ الْكِتَابُ إلَّا مِنْ أَجْلِهَا. فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت.
وَجَاءَتْ فِي قَوْلِ حَسَّانَ لَابْنِ الزِّبَعْرَى حِينَ هَرَبَ إلَى نَجْرَانَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ:
لَا تَعْدَمَنْ رَجُلًا أَحَلَّك بُغْضُه ُ
نَجْرَانَ فِي عَيْشٍ أَحَذِّ لَئِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute