للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَحَزِنَ لِذَلِكَ مِنْ كَذِبِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ عَلَيْهِ فَسَلَّاهُ الله تعالى) عن حزنه (بِقَوْلِهِ وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ [الْحَجِّ: ٥٢] الْآيَةَ) إيماء إلى أن هذا من سنة الله التي قد خلت في عباده وإشعارا بأن الكفرة من شياطين الإنس وأنهم من اتباع شياطين الجن، (وبيّن) أي ميز الله تعالى (للنّاس الحقّ) المنزل (من ذلك) أي مما ذكره (من الباطل) الملقى (وحفظ القرآن) أي جميع كلماته (وأحكم آياته ودفع ما لبّس) بتشديد الموحدة (به العدوّ) من الإباطيل (كما ضمنه الله تعالى) أي تكلفه وتضمن حفظه المفهوم (من قوله تعالى إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: ٩] ) أي من زيادة ونقص وتحريف وتبديل ولم يكل حفظه إلى غيره بل تولاه بنفسه بخلاف الكتب الإلهية المنزلة قبله فإنه لم يتول حفظها بل استحفظها الربانيين والأحبار فاختلفوا فيها وحرفوها وبدلوها وهذا لا ينافي أن حفظ القرآن بحسب مبناه ومعناه فرض كفاية لأن المعنى أنه تعالى تكفل حفظ القرآن بهم وأنه لم يكلهم في مراعاته إلى أنفسهم بل يكون دائما في عون حماتهم (ومن ذلك) أي من سؤالات بعض الطاعنين في مراتب النبيين (ما روي من قصّة يونس) وفي نسخة في قصة يونس (عليه السلام أنه وعد قومه العذاب عن ربّه) أي وخرج من عند قومه (فلمّا تابوا) أي بعد خروجه وظهور مقدمة وعيده (كشف عنهم العذاب) قيل يوم جمعة في عاشوراء (فقال لا أرجع إليهم كذّابا أبدا) أي ولو بحسب الصورة استحياء من قومه (فذهب مغاضبا) أي على هيئة الغضبان على قومه. أو على قوله وكان عليه أولا أي يصابرهم منتظرا من ربه الإذن له في خروجه وثانيا أن يرجع إليهم حيث تاب الله عليهم (فاعلم أكرمك الله تعالى) بالعقيدة الثابتة (أنه) أي الشأن وفي نسخة أَنْ (لَيْسَ فِي خَبَرٍ مِنَ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ في هذا الباب) لا في السنة ولا في الكتاب (أن يونس عليه السلام قال لهم إنّه) أي الله سبحانه وتعالى (مهلكهم) وفي نسخة يهلكهم وفي أخرى مهلككم وعلى التسليم فيكون مقيدا بما أن ثبتوا على كفرهم فلا يستقيم أن يقول لا أرجع إليهم كذابا أبدا إلا بظاهره (وإنّما فيه) أي وإنما الوارد في حقه من الأخبار (أنّه دعا عليهم بالهلاك) أي إن أصروا على الإشراك، (والدّعاء) إنما هو إنشاء بطلب (لَيْسَ بِخَبَرٍ يُطْلَبُ صِدْقُهُ مِنْ كَذِبِهِ، لَكِنَّهُ) أي يونس (قَالَ لَهُمْ إِنَّ الْعَذَابَ مُصَبِّحُكُمْ وَقْتَ كَذَا وكذا) فيه أن هذا اخبار لا انشاء (فكان ذلك) أي مجيئه لهم فيما هنالك وفي نسخة كذلك أي كما قال فلا يكون كذابا أبدا غايته أنه لما أغامت السماء غيما شديدا اسود بدخان سود سطوح بيوتهم لبسوا المسوح وعجوا في السوح مظهرين الإيمان والتوبة النصوح (ثمّ رفع الله عنهم العذاب وتداركهم) برحمته المخصوصة بهم في هذا الباب؛ (قال الله تعالى: فَلَوْلا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) استثناء منقطع من القرى إذ المراد أهلها أي لكن قومه أو متصل من ضمير آمنت والجملة في معنى النفي أي ما آمنت قرية من القرى المحكوم على أهلها بالهلاك إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ (لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ [يونس: ٩٨] الآية) أي في الحياة الدنيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (وروي في الأخبار) أي في بعض الآثار (أنهم رأوا دلائل

<<  <  ج: ص:  >  >>