للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العذاب ومخايله) أي مظانه جمع مخيلة أي مظنة أو سحابة فيها عقوبة وفي الحديث أنه عليه الصلاة والسلام إذا رأى مخيلة أقبل وأدبر وفي رواية إذا رأى في السماء اختيالا تغير لونه خشية أن يكون عذابا أرسل كما وقع لقوم هود فإذا أمطرت سرى عنه، (قاله ابن مسعود) كما رواه ابن مردويه عنه مرفوعا وابن أبو حاتم موقوفا، (وقال سعيد بن جبير غشّاهم) أي غطاهم الله تعالى (العذاب كما يغشّي الثّوب القمر) وفي نسخة كما يغشي السحاب القمر.

(فإن قلت فما معنى ما روي) عن ابن جرير عن عكرمة مولى ابن عباس مِنْ (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَرْحٍ) بفتح السين المهملة وسكون الراء وفي آخره مهملة اسلم قبل الفتح وهاجر وكتب الوحي ثم ارتد ثم اسلم ومات ساجدا لله (كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ ارتدّ مشركا) ويروى ارتد كافرا (وسار) وفي نسخة وصار أي رجع (إلى قريش) أي بمكة (فقال لهم إني كنت أصرف محمدا) أي أغيره (حيث أريد) أي من تغيير كلامه وتعبير مرامه (كان يملي عليّ عزيز حكيم فأقول) أي استفهاما (أعلي حكيم) وفي نسخة فَأَقُولُ أَوْ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (فَيَقُولُ نَعَمْ كُلٌّ صواب) أي في نفس الأمر إذ نزل عليه بهذا كتاب فيكون من السبعة الأحرف التي نسخ من كل باب؛ (وفي حديث آخر) كما رواه ابن جرير عن السدي (فيقول له النّبي صلى الله تعالى عليه وسلم اكتب كذا) كناية عما كان يأمره بكتابته في املاء نظرته (فيقول) أي ابن أبي سرح (أكتب كذا) بألف استفهام ملفوظة أو محذوفة وأغرب الدلجي في تقدير إنما أكتب كذا (فيقول) أي النبي عليه الصلاة والسلام كما في نسخة (اكْتُبْ كَيْفَ شِئْتَ وَيَقُولُ اكْتُبْ عَلِيمًا حَكِيمًا فَيَقُولُ أَكْتُبُ سَمِيعًا بَصِيرًا؟ فَيَقُولُ لَهُ اكْتُبْ كيف شئت) وهذا على اطلاقه غير صحيح فقد روي أن أعرابيا سمع قارئا يقرأ فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله غفور رحيم بدل عزيز حكيم ولم يكن قارئا فأنكره وقال إن كان هذا كلام الله فلا يذكر الغفران عند الزلل لأنه اغراء عليه بالعمل؛ (وفي الصّحيح) أي في البخاري من طريق عبد العزيز وفي مسلم من طريق ثابت كلاهما (عن أنس رضي الله تعالى عَنْهُ أَنَّ نَصْرَانِيًّا كَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم) أي ما أوحي إليه (بعدما أسلم) وقرأ البقرة وآل عمران (ثمّ ارتدّ) كافرا فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب فاعجبوا به فما لبث أن قسم الله عنقه فيهم الحديث (وكان يقول ما يدري محمّد ما كتبت) أي له كما في نسخة والمعنى ما يشعر بكتابتي فيما غيرت سهوا أو قصدا وفي نسخة مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ (فاعلم ثبّتنا الله وإيّاك على الحقّ) أي البين دليلا (ولا جعل للشّيطان وتلبيسه الحقّ) أي تخليطه (بِالْبَاطِلِ إِلَيْنَا سَبِيلًا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْحِكَايَةِ) ولو على طريق الرواية (أَوَّلًا لَا تُوقِعُ فِي قَلْبِ مُؤْمِنٍ رَيْبًا) أي شكا وشبهة (إِذْ هِيَ حِكَايَةٌ عَمَّنِ ارْتَدَّ وَكَفَرَ بِاللَّهِ) وفي حال كفره رواه (ونحن) أي معاشر المحدثين من علماء المسلمين (لا نقبل خبر المسلم المتّهم) أي في عدالته بالكذب والمعصية (فكيف بكافر) أي مستحق العقوبة (افترى هو ومثله) من الكفرة والفجرة (على الله ورسوله ما هو أعظم من هذا) الافتراء المروي عنهما فلا عبرة بهما

<<  <  ج: ص:  >  >>