للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول) مبتدأ وخبر قرنا بتنبيه في حق نبي نبيه (أمّا على القول) أي قول بعضهم (بتجويز الوهم) بفتح الهاء وسكونها أي السهو (والغلط ممّا ليس طريقه من القول البلاغ) بالنصب أي الإبلاغ وفي نسخة من البلاغ أي من جهة التبليغ (وهو) أي هذا القول هو (الّذي زيّفناه) أي ضعفناه (من القولين) أعني الجواز وعدمه (فلا اعتراض بهذا الحديث وشبهه) ولا إشكال في تجويز نحوه (وأمّا على مذهب من يمنع السّهو والنّسيان في أفعاله) أي الشاملة لأقواله عليه الصلاة والسلام (جملة) أي جميعها مجملة (ويرى أنه) أي ويعتقد أنه عليه الصلاة والسلام (في مثل هذا عامد لصورة النّسيان) أي كالعامد في هذه الصورة (ليسنّه فَهُوَ صَادِقٌ فِي خَبَرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسَ وَلَا قَصُرَتْ وَلَكِنَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَعَمَّدَ هذا الفعل في هذه الصّورة) ليسنه (لمن اعتراه مثله) أي أصابه نحوه من الأمة فيقتدى به في تدارك الحالة (وهو قول مرغوب عنه) أي مردود لنسبته إلى التعمد في القضية (نذكره) وفي نسخة ونذكره (في موضعه) أي مع بيان ضعفه (وأمّا على إحالة السّهو) أي على كون السهو محالا (عَلَيْهِ فِي الْأَقْوَالِ وَتَجْوِيزِ السَّهْوِ عَلَيْهِ فِيمَا ليس طريقه القول) أي التبليغ (كما سنذكره) أي على القول الأصح (ففيه أجوبة) أي مرضية (منها أنّ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أخبر عن اعتقاده وضميره) أي بحسب ظنه في قوله كل ذلك لم يكن (أَمَّا إِنْكَارُ الْقَصْرِ فَحَقٌّ وَصِدْقٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا) فلا شبهة فيه (وأمّا النّسيان فأخبر صلى الله تعالى عليه وسلم عن اعتقاده) أي وفق اجتهاده (وَأَنَّهُ لَمْ يَنْسَ فِي ظَنِّهِ فَكَأَنَّهُ قَصَدَ الخبر بهذا) أي بعدم نسيانه (عن ظنّه وإن لم ينطق به) أي وإن لم يصرح به وإن لم يقل لم أنس فيما ظن به (وهذا) ويروى وهو (صدق أيضا) لا ريبة فيه ولا شبهة (وَوَجْهٌ ثَانٍ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ أَنْسَ رَاجِعٌ) أي مفعوله (إِلَى السَّلَامِ أَيْ إِنِّي سَلَّمْتُ قَصْدًا وَسَهَوْتُ عَنِ الْعَدَدِ أَيْ لَمْ أَسْهُ فِي نَفْسِ السّلام وهذا محتمل) أي من جهة العربية (وفيه بعد) أي عن صحة حمل القضية (ووجه ثالث وهو أبعدها) ويروى أبعدها أي من النقل والعقل في تحقيق المعنى (مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَإِنِ احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ) أي المبنى (مِنْ قَوْلِهِ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَيْ لَمْ يَجْتَمِعِ الْقَصْرُ وَالنِّسْيَانُ بَلْ كَانَ أَحَدُهُمَا) وهذا بحسب مفهوم المعنى وهو غير معتبر عند الجمهور (ومفهوم اللّفظ) أي المعتبر (خلافه) أي مخالف له لا سيما (مَعَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الصَّحِيحَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ مَا قصرت الصّلاة وما نسيت) وفي نسخة ولا نسيت فإنه دال على نفي وجودهما كليهما سواء تكون نافية أو استفهامية وأيضا لو كان مفهومه ما تقدم لم يقل ذُو الْيَدَيْنِ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رسول الله؛ (هذا) أي الوجه الثالث (ما رأيت فيه لأئمّتنا) أي المالكية أو الأعم فيشير إلى أنه مما ظهر له والله تعالى أعلم (فكلّ من هذه الوجوه) أي الثلاثة (محتمل اللّفظ) وفي نسخة محتمل للفظ أي للمبنى وإن كان الأخيران بعيدين في المعنى (على بعد بعضها) وهو الوجه الثاني (وتعسّف الآخر منها) وهو الوجه الثالث؛ (قال القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى) يعني المصنف (والّذي أقول) أي واختاره (وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ كلّها أن قوله لَمْ أَنْسَ إِنْكَارٌ لِلَّفْظِ الَّذِي نَفَاهُ عَنْ نفسه) لأن أصل النسيان الترك

<<  <  ج: ص:  >  >>