للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكره عليه الصلاة والسلام أن يقول تركت باختياري (وأنكره على غيره) جملة حالية أي وقد أنكره عليه الصلاة والسلام فيما رواه الشيخان عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه (بقوله بِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَذَا وكذا ولكنّه نسّي) بضم النون وتشديد السين المكسورة أي أنساه الله إياها ولأبي عبيد بئسما لأحدكم أن يقول نسيت آية كيت وكيت ليس هو نسي ولكنه نسي وهو أبين من الأول لكن فيه أن ظاهر الحديث يخص النسيان بآي القرآن فلا يعم سائر الأقوال والأفعال من الشأن ولعله مقتبس من قوله تعالى سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ أي ما أراد الله تعالى انساءك إياه فينسيكه ربما يعم الحكم كما نبه عليه المصنف وقال (وبقوله في بعض روايات الحديث الأخر) وفي نسخة في بعض رواية الحديث الأخر (لست أنسى) بفتح الهمزة والسين (ولكن) وفي نسخة ولكن (أنسّى) بصيغة المجهول مشددا ويجوز مخففا (فلمّا قال له السّائل) وهو ذو اليدين (أَقْصُرَتِ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ أَنْكَرَ قَصْرَهَا كَمَا كان) أي في نفس الأمر (ونسيانه) أي وأنكر نسيانه هو (هو من قبل نفسه) أي باختياره وتقصير من جانبه (وأنه) أي الشأن (إِنْ كَانَ جَرَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ نسّي) بصيغة المجهول مشددا (حتّى سأل غيره) أي الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما بقوله أحق ما يقول ذو اليدين قالوا نعم (فتحقّق أنّه نسّي) بصيغة المجهول مشددا أي أنساه الله (وأجري عليه ذلك) بالبناء للمفعول وكذا قوله (ليسنّ) أي ليقتدي وفي نسخة بالبناء للفاعل أي ليجعله سنة تقتدي بها الأمة (فَقَوْلُهُ عَلَى هَذَا لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرْ) للبناء للفاعل أو المفعول (وكلّ ذلك) أي وقوله كل ذلك وفي نسخة إذ كل ذلك (لم يكن صدق) خبر لقوله فقوله (وحقّ) تأكيد (لم تقصر) أي كما في نفس الأمر (ولم ينس حقيقة) أي من قبل نفسه (ولكنّه نسّي) أي أنساه الله تعالى إياه فكراهته عليه الصلاة والسلام نسبة النسيان إلى النفس إنما هي لاستناد الحوادث كلها إلى الله تعالى إذ هو المقدر لها وللإشعار بأنه لم يقصد إلى نسيانه ولم يكن باختياره فلم ينسب إلى تقصيره. (ووجه آخر) يؤذن بالفرق بين السهو والنسيان (استثرته) أي استخرجته من استثار بالمثلثة من باب الافتعال وأصله استثورته ومنه قوله تعالى فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً والمعنى استنبطته (من كلام بعض المشايخ) أي مأخوذ من متفرقات كلامه في تحقيق مرامه (وذلك أنّه) أي بعض المشايخ (قال إنّ النبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْهُو وَلَا يَنْسَى وَلِذَلِكَ نفى عن نفسه النّسيان قال) أي بعض المشايخ (لأنّ النّسيان غفلة وآفة) أي بلية ناقصة ولذا قال تعالى فَلا تَنْسى أي باختيارك إلا ما شاء الله بأن ينسيك من غير تقصير منك (والسّهو إنّما هو شغل) بضم وسكون وبضمتين وفي نسخة بالإضافة إلى بال أي اشتغال حال وهو لا ينافي صاحب كمال لأنه يتنبه منه بأدنى تنبيه فيه. (قال) أي ذلك البعض (فكان النبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْهُو فِي صِلَاتِهِ وَلَا يَغْفَلُ) بضم الفاء أي ولا يذهل (عنها) بالكلية (وكان يشغله عن حركات الصّلاة) أي وسكناتها من قراءتها وركوعها وسجداتها (ما في الصّلاة شغلا بها) أي بتحصيلها وتكميلها من حضور ومرور وخضوع وخشوع وتدبر قراءة في مبانيها أو

<<  <  ج: ص:  >  >>