للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلف فيه ولا شبهة) مؤكدات لكونه خبرا حقا؛ (وعلى الطّريق الآخر) أي المروي عن أبي ابن كعب كما مر (فمحمله على ظنّه) أي الغالب (ومعتقده) أنه اعلم بحسب علمه (كما لو صرّح به) أي بظنه ومعتقده كان يقول أنا اعلم فيما أظن واعتقد وإنما ظن ذلك واعتقد بما ذكر هنالك (لأنّ حاله) أي مرتبته (في النّبوّة) المؤيدة بالرسالة (والاصطفاء يقتضي ذلك) أي كونه اعلم الناس في زمانه (فَيَكُونُ إِخْبَارُهُ بِذَلِكَ أَيْضًا عَنِ اعْتِقَادِهِ وَحُسْبَانِهِ) بكسر أوله لا بضم أوله كما وهم الدلجي أي ظنه (صدقا لا خلف فيه) فلا إشكال فيه أصلا (وقد يريد بقوله أنا أعلم) متعلقا خاصا وهو ما بينه بقوله (بما يقتضيه وظائف النّبوّة من علوم التّوحيد) المتعلقة بالذات والصفات (وأمور الشّريعة) أي وظائف العبادات (وسياسة الأمّة) أي بحدودها الزواجر والمنهيات وهو لا ينافي أن يكون غيره أعلم منه في غيرها كما ورد أنتم اعلم بأمور دنياكم وكما عرف في قضية الهدهد قوله أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وكما وقع لعمر في موافقاته فإنه قد يكون في المفضول ما لا يكون في الفاضل مما لا ينقص في فضله ومن هنا ورد في معرفة الأنساب علم لا ينفع وجهل لا يضر بل وقد يكون بعض العلوم مضرته أكثر من منفعته فلا محذور حينئذ أن يكون بعض أفراد الأمة اعلم بوجه من صاحب النبوة (ويكون الخضر أعلم منه) أي من موسى ولو كان من أمته على القول بولايته أو نبوته (بأمور أخر) اختص بها (مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا بِإِعْلَامِ اللَّهِ تعالى) له إياها (من علوم غيبه) الخاص به وفي نسخة من علوم غيبية (كالقصص المذكورة في خبرهما) من قضية السفينة والغلام والجدار (فكان موسى أعلم) الناس مطلقا (على الجملة) أي عموما (بما تقدّم) من علوم النبوة والرسالة وأمور الشريعة وأحكام السياسية (وهذا) أي الخضر عليه الصلاة والسلام (أعلم على الخصوص بما أعلم) بصيغة المجهول أي بما اعلمه سبحانه وتعالى (ويدلّ عليه) أي على أن ما اعلمه خاص (قوله تعالى: وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا) أي مما يختص علمه بنا (عِلْماً [الكهف: ٦٥] ) بطريق الوحي الجلي والخفي (وعتب الله) بسكون التاء أي ويدل عليه عتابه سبحانه وتعالى (ذلك) أي قوله أنا اعلم (عليه فيما قاله العلماء) أي المحدثون (إنكار هذا القول عليه لأنّه) كما في حديثه (لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ كَمَا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ لَا عِلْمَ لَنا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنا أَوْ لأنّه) أي الله سبحانه وتعالى (لم يرض قوله) أي لم يستحسن قول موسى عليه الصلاة والسلام أنا اعلم (شرعا) أي من جهته رعاية لأمته والمعنى لم يرض أن يكون قوله شرعا يقتدي به (وذلك) أي وسببه (وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِ فِيهِ مَنْ لم يبلغ كماله) أي كمال موسى من جهة مرتبته (في تزكية نفسه) أي طهارة حالته (وعلوّ درجته من أمّته) متعلق بيقتدي (فيهلك) بالنصب أي يضيع من يقتدي به من أمته في قوله أنا اعلم من غير تفويض واستثناء (لما تضمّنه) أي قوله أنا اعلم (من مدح الإنسان نفسه) أي عند اطلاقه وقد قال الله تعالى فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى (ويورثه ذلك) القول وهو أنا اعلم (من الكبر والعجب) إلا أن يكون تحدثا بنعمة ربه ظاهرا وباطنا (والتّعاطي)

<<  <  ج: ص:  >  >>