للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء وراءه وجعل غيره نصب عينه وقيل روى ستر مقصده وأظهر غيره بأن سئل عن طريق لا يريده فإنه كان عليه الصلاة والسلام يسأل عن ناحية وطريقها ويخرج إلى غيرها لئلا يأخذ العدو حذره (فَلَيْسَ فِيهِ خُلْفٌ فِي الْقَوْلِ إِنَّمَا هُوَ ستر لمقصده) وفي نسخة ستر مقصده بالإضافة وفي أخرى ستر بصيغة الماضي ونصب مقصده أي أخفى جهة قصده خوفا من اشتهاره (لئلّا يأخذ عدوّه حذره) بكسر أوله أي احتراسه واحترازه (وكتم وجه ذهابه) بالإضافة وفي نسخة بصيغة الماضي وفي أخرى كتم لوجه ذهابه أي جهة مقصده وطريق مطلبه (بِذِكْرِ السُّؤَالِ عَنْ مَوْضِعٍ آخَرَ وَالْبَحْثِ عَنْ أخباره) أي أحوال الموضع الآخر (والتّعريض بذكره) أي التلويح به وعدم التصريح بمقصده وقد ورد استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان وفي الصحيح الحرب خدعة (لَا أَنَّهُ يَقُولُ تَجَهَّزُوا إِلَى غَزْوَةِ كَذَا أو وجهتنا) بكسر الواو أي جهة قصدنا (إلى موضع كذا خلاف مقصده) ليكون خلفا (فهذا لم يكن) ولا يتصور أن يكون منه عليه الصلاة والسلام (والأوّل) وهو التعريض (ليس فيه خبر يدخله الخلف) بضم الخاء أي الإخلاف فيترتب عليه الكذب في القول. (فَإِنْ قُلْتَ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَدْ سُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَقَالَ أنا أعلم) بناء على ظنه (فعتب الله عليه ذلك) حيث لم ينتظر الوحي هنالك أو لم يفوض (إذ لم يردّ العلم إليه تعالى) بأن يقول الله تعالى أعلم أو يقول أنا والله اعلم ومن هنا تأدب العلماء في أجوبتهم بقول والله تعالى اعلم (الحديث) رواه الشيخان عن أبي بن كعب مطولا (وفيه قال) أي الله تعالى (بل) وفي رواية بلى (عبد لنا بمجمع البحرين) وهو ملتقى بحري فارس والروم مما يلي المشرق وقال السهيلي هو بحر الأردن وبحر القلزم وقيل غيره (أعلم منك) أي في بعض العلوم لما في الحديث يا موسى إني على علم علمنيه الله تعالى لا تعلمه وأنت على علم علمك الله لا اعلمه وذكر السهيلي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه أن حكمة لله تعالى في جمع موسى مع الخضر عليهما الصلاة والسلام عند مجمع البحرين أنهما بحران أحدهما اعلم بالظاهر أعني علم الشرعيات وما يتعلق بالذات والصفات وهو موسى عليه السلام والآخر اعلم بالباطن وأسرار الملكوت من الكائنات وهو الخضر عليه السلام فكأن اجتماع البحرين بمجمع البحرين هذا وقد روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن موسى عليه الصلاة والسلام ذكر الناس يوما حتى فاضت العيون ورقّت القلوب فأدركه رجل فقال أي رسول الله هل في الأرض أحد أعلم منك قال لا فعتب الله تعالى عليه إذ لم يرد العلم إلى الله تعالى (وهذا) أي قول موسى أنا أعلم (خبر قد أنبأنا الله تعالى أنّه ليس كذلك فاعلم أنّه) أي الشأن (وقع) وفي نسخة قَدْ وَقَعَ (فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ بَعْضِ طُرُقِهِ الصَّحِيحَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَلْ تَعْلَمُ أحدا) أي من الناس (أعلم منك) ينصب اعلم على أنه مفعول ثان وفي نسخة برفعه فتقديره هو أَعْلَمَ مِنْكَ (فَإِذَا كَانَ جَوَابُهُ عَلَى عِلْمِهِ) أي مبنيا على ما غلب عنده من علمه (فهو) أي قوله أنا اعلم بهذا الوجه (خَبَرُ حَقٍّ وَصِدْقٍ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>