(وَقَبْلَ اسْتِقَامَةِ حُجَّتِهِ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ سَقَمٍ) بفتحتين وبضم فسكون أي تغير باله (ومرض) حاله لديهم فجعل سقم حجته وضعف موعظته سقما مجازا عن تعب القلب (مع أنّه) أي إبراهيم عليه الصلاة والسلام (لم يشكّ هو) بل تيقن إيقانه (ولا ضعف إيمانه) بل قوي كل ساعة برهانه (ولكنّه ضعف) أي بيانه (في استدلاله عليهم وسقم نظره) أي فكره فيما يتوجه إليهم (كما يقال حجّة سقيمة ونظر معلول) اللغة الفصحى معل أو معلل فقد قال ابن الصلاح قول الفقهاء والمحدثين معلول مردود عند أهل العربية وقال النووي إنه لحن وقال صاحب المحكم والمتكلمون يستعملون لفظة المعلول كثيرا ولست منها على ثقة لأن المعروف إنما هو أعله فهم معل اللهم إلا أن يكون على ما ذهب إليه سيبويه في قولهم مجنون ومسلول من أنهما جاءا على جننته وسللته وإن لم يستعملا في الكلام استغناء عنهما بأفعلت وإذا أرادوا جن وسل فإنما يقولون حصل فيه الجنون والسل (حتّى ألهمه الله باستدلاله) أي الواضح لديهم (وَصِحَّةِ حُجَّتِهِ عَلَيْهِمْ بِالْكَوَاكِبِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مَا نصّه الله تعالى) أي ما صرحه وفي نسخة ما قصه أي حكاه حيث ذكر تبيانه (وقدّمنا) وفي نسخة وقد قدمنا (بيانه) أي ما يوضح حجته وبرهانه (وَأَمَّا قَوْلُهُ: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا [الْأَنْبِيَاءِ: ٦٣] الآية) أي فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ (فإنّه علّق خبره) أي بفعل كبيرهم (بشرط نطقه) مع غيره (كأنّه قال إن كان ينطق) أي كبيرهم (فهو فعله) مع علمه بأنه لا ينطق فهو (على طريق التّبكيت) أي التوبيخ والتقريع (لقومه) في اعتقادهم الفاسد وزعمهم الكاسد في ألوهية كواكب وحجارة لا تضر ولا تنفع وتعظيمهم لها وعبادتهم إياها (وهذا) القول بهذا المعنى (صدق) أي وحق (أيضا ولا خلف فيه) أصلا؛ (وَأَمَّا قَوْلُهُ أُخْتِي فَقَدْ بَيَّنَ فِي الْحَدِيثِ) أي الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه لم يكذب إبراهيم فذكره (وقال إنّك) وفي نسخة فَإِنَّكِ (أُخْتِي فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ صِدْقٌ وَاللَّهُ تعالى يقول: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات: ١٠] ) وقد روي أنها كانت بنت عمه ومثل هذه قد يقال لها الأخت في النسب أيضا (فإن قلت هذا) وفي نسخة فهذا (النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم قد سمّاها) أي الكلمات الثلاث (كِذْبَاتٍ وَقَالَ لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كِذْبَاتٍ وَقَالَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ وَيَذْكُرُ كِذْبَاتِهِ) على ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (فمعناه) أي معنى وصفها بكونها كذبات (أَنَّهُ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِكَلَامٍ صُورَتُهُ صُورَةُ الْكَذِبِ وإن كان حقّا في الباطن) أي في نفس الأمر (إلّا هذه الكلمات) أي الثلاث وهي إني سقيم وفعله كبيرهم وهذه أختي (وَلَمَّا كَانَ مَفْهُومُ ظَاهِرِهَا خِلَافَ بَاطِنِهَا أَشْفَقَ إبراهيم عليه الصلاة السّلام) أي خاف (من مؤاخذته) وفي نسخة بمؤاخذته (بها) لعلو شأن الأنبياء عن الكناية بالحق في باب الانباء فيقع ذلك منهم موقع الكذب من غيرهم فإن حسنات الأبرار سيئات المقربين الأحرار (وأمّا الحديث) أي الذي رواه الشيخان عن كعب بن مالك (كان النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم إذا أراد غزوة) أي ويريد سترها (ورّى بغيرها) بتشديد الراء من التورية وهي الإخفاء وكأنه جعل