سواء يكون من ارتكاب المنهيات أو اجتناب المأمورات (مِمَّا تَقَرَّرَ الشَّرْعُ بِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْخِطَابِ بِهِ وترك المؤاخذة عليه) كالسهو في الصلاة والكلام والنسيان في الصيام وجواب أما قوله (فَأَحْوَالُ الْأَنْبِيَاءِ فِي تَرْكِ الْمُؤَاخَذَةِ بِهِ وَكَوْنِهِ ليس بمعصية لهم مع أممهم سواء) كما يشير إليه قوله تعالى رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا وحديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وأما استكرهوا عليه كما رواه الطبراني عن ثوبان مرفوعا بسند صحيح (ثمّ ذلك) أي عدم المؤاخذة بالسهو والنسيان (على نوعين) أحدهما (ما طريقه البلاغ وتقرير الشّرع) فيما يعمل به من الأصل والفرع (وتعلّق الأحكام) أمرا ونهيا وحدا وسائر شرائع الإسلام (وتعليم الأمّة بالفعل) أي جنسه (وأخذهم باتّباعه) ويروى باتباعهم (فيه) أي في ذلك الفعل ونحوه (وما هو) أي وثانيهما ما هو (خارج عن هذا) الذي طريقه البلاغ (ممّا يختصّ بنفسه) من واجبات ومندوبات ومباحات ومكروهات ومحرمات، (أمّا الأوّل) أي من النوعين وهو ما طريقه البلاغ من الأحكام عملا وقولا (فحكمه) أي في إلمام السهو به (عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ حُكْمُ السَّهْوِ فِي القول في هذا الباب) أي باب ما طريقه البلاغ، (وقد ذكرنا الاتّفاق) من العلماء (على امتناع ذلك) أي امتناع المخالفة في القول (في حقّ النبيّ عليه الصلاة والسلام) أي من الأنبياء (وَعِصْمَتَهُ مِنْ جَوَازِهِ عَلَيْهِ قَصْدًا أَوْ سَهْوًا) بالأولى؛ (فكذلك) أي فمثل ما قالوا في باب القول بعصمة النبي من امتناع جواز ذلك (قَالُوا الْأَفْعَالُ فِي هَذَا الْبَابِ لَا يَجُوزُ طروّ المخالفة) بضم الطاء والراء فواو ساكنة فهمزة وقد تبدل مشددة أي طريانها وجريانها وحدوثها وعروضها (فيها) أي في الأفعال (لا عمدا ولا سهوا لأنّها) أي الأفعال منهم (بمعنى القول) الصادر عنهم (من جهة التّبليغ والأداء) إذ الأمم مأمورون بمتابعات الأنبياء قولا وفعلا ولا محيص لهم عن الموافقة أصلا (وطروّ هذه العوارض) أي من السهو والخطأ والنسيان (عليها) أي على أفعال الأنبياء (يوجب التّشكيك) للأمم الموافقة (ويسبّب المطاعن) من الطوائف المخالفة والمطاعن جمع مطعن محل الطعن وفي نسخة ويسبب الطاعن اسم فاعل من طعن فيه وعليه إذا عاب وقدح، (واعتذروا) أي هؤلاء العلماء (عن أحاديث السّهو) أي في بعض صلواته عليه الصلاة والسلام (بتوجيهات نذكرها بعد هذا) في فصل على حدة (وإلى هذا) أي منع طرو المخالفة (مال أبو إسحاق) أي الإسفراييني، (وذهب الأكثر من الفقهاء) أي من أرباب الفروع والأصول (والمتكلمين) أي من أصحاب الأصول (إِلَى أَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي الْأَفْعَالِ الْبَلَاغِيَّةِ وَالْأَحْكَامِ الشّرعيّة) أي من الأمور العلمية والعملية (سهوا) تمييز أو منصوب بنزع الخافض أي عن سهو (وعن غير قصد) عطف بيان (منه) أي من النبي (جائز عليه) أي وقوعه منه (كَمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَحَادِيثِ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ) أي الثابتة في الصحيحين وغيرهما من الكتب الستة قال النووي وهذا هو الحق (وفرقوا) أي المجوزون له (بين ذلك) الفعل من الأفعال الشرعية (وَبَيْنَ الْأَقْوَالِ الْبَلَاغِيَّةِ لِقِيَامِ الْمُعْجِزَةِ عَلَى الصِّدْقِ في القول) أي من حيث شهد الله بأن صدق عبدي (ومخالفة ذلك) الصدق ولو سهوا (تناقضها) أي تعارض المعجزة (وأمّا