السّهو في الأفعال فغير مناقض لها) أي المعجزة لأنه ليس من جنسها (ولا قادح) أي وغير طاعن (في النّبوّة) لثبوتها مع وقوعه منها لعدم منافاته لها (بَلْ غَلَطَاتُ الْفِعْلِ وَغَفَلَاتُ الْقَلْبِ مِنْ سِمَاتِ البشر) بكسر السين أي علاماته وذلك لأن الإنسان مشتق من النسيان وأول الناس فقد قال الله تعالى في حق آدم عليه الصلاة والسلام فَنَسِيَ (كما قال صلى الله تعالى عليه وسلم إنّما أنا بشر أنسى) بفتح أوله (كما تنسون فإذا نسيت فذكّروني) رواه الشيخان عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه (نعم) ليس نسيانه كنسيان غيره من كل وجه (بل حالة النّسيان والسّهو) أي نسيانه وسهوه (هنا) أي في هذا المحل بخصوصه (في حقّه عليه الصلاة والسلام سبب إفادة علم) لأمته (وتقرير شرع) لملته (كما قال عليه الصلاة والسلام) في حديث الموطأ بلاغا لم يعرف وصله (إنّي لأنسى) بفتح الهمزة والسين أي بإنسائه سبحانه كما قال تعالى فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ انساءك إياه (أو أنسّى) بصيغة المفعول مشددا ويجوز مخففا أي ينسيني الله تعالى (لأسنّ) يفتح الهمزة وضم السين وتشديد النون أي لأبين لكم ما يفعله أحد منكم نسيانا لتأنسوا بي وتقتدوا بفعلي (بل قد روي لست أنسى) أي حقيقة (ولكن أنسّى) بصيغة المجهول كما مر (لأسنّ) وهذا نظير قوله تعالى وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى إيماء إلى مقام الجمع (وهذه الحالة) أي من نسيانه ليسن (زيادة له في التّبليغ) أي تبليغ الرسالة (وتمام عليه في النّعمة) حيث أمر الأمة بأن يقتدوا به فيما صدر عنه على جهة السهو والغفلة ولعل فيه إيماء إلى قوله تعالى وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ (بعيدة عن سمات النّقض) بالضاد المعجمة أي عن ورود النقض من جواز وجود السهو والخطأ ووجوب الاقتداء (واعتراض الطّعن) أي به وبغيره على ألسنة السفهاء وفي نسخة صحيحة بعيدة عن سمات النقص بالصاد المهملة أي النقصان وأغراض الطعن أي على مجرد وقوع السهو والنسيان حيث تبين الحكمة الإلهية في ذلك الشأن (فَإِنَّ الْقَائِلِينَ بِتَجْوِيزِ ذَلِكَ يَشْتَرِطُونَ أَنَّ الرُّسُلَ لا تقرّ) بضم التاء وفتح القاف وتشديد الراء أي لا تبقى ولا تترك (على السّهو والغلط بل ينبّهون عليه) لينتبهوا ويتداركوا ما وقع لهم من السهو (ويعرفون) بصيغة المجهول مشدد الراء (حكمه) أي حكم السهو وما يترتب عليه (بالفور) في الحال أي من غير تراخ (عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَبْلَ انْقِرَاضِهِمْ) أو قبل موته (عَلَى قَوْلِ الْآخَرِينَ وَأَمَّا مَا لَيْسَ طَرِيقُهُ البلاغ) أي تبليغ شرائع الإسلام (وَلَا بَيَانَ الْأَحْكَامِ مِنْ أَفْعَالِهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنْ أُمُورِ دينه) أي أسرار ربه (وأذكار قلبه) أي أنوار لبه (ممّا لم يفعله ليتّبع فيه) بل لينتفع به في زيادة قربه عند ربه (فالأكثر من طبقات علماء الأمّة) وكذا من طوائف مشايخ الملة (على جواز السّهو) أي الذهول والغفلة (والغلط عليه) لغلبة الاستغراق لديه (فيها) أي في أفعاله حين نزول الواردات إليه ولا يلحقه بذلك معرة ولا منقصة (ولحوق الفترات) أي الزلات بالنسبة إلى علو الحالات (والغفلات) لعوارض الحادثات (بقلبه) المستغرق في بحر حب ربه (وذلك) أي الحال الذي يعتبر به هنالك (بما كلفه) بصيغة المجهول أي بما طوقه