للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومناقب رسالته، (وقد كان) أي نوح قبل ذلك (قَالَ اللَّهُ لَهُ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي كفروا (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ [هود: ٣٧] ) وقد خاطبه نوح في ابنه فعاتبه ربه في أمره (وَقَالَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي) أي خطاي أو ما كان من عمد في صورة ذنب لي (يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء: ٨٢] ) أي الجزاء وفصل القضاء (وقوله عن موسى تُبْتُ إِلَيْكَ [الأعراف: ١٤٣] ) أي رجعت عن سؤالي بعد ما أظهرت لك حالي وطلبت منك مآلي من منالي (وقوله وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ [ص: ٣٤] ) أي ابتليناه بالجهاد الدنيوي أولا وألقينا على كرسيه جسدا خاويا ثانيا (إلى ما أشبه هذه الظّواهر) مع أمثاله من الآيات والروايات؛ (قال القاضي رحمه الله تعالى) يعني المصنف (فأمّا احتجاجهم) أي استدلال المجوزين للصغائر على الأنبياء (بِقَوْلِهِ: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [الفتح: ١] فهذا) الكلام المكنون (قد اختلف فيه المفسّرون) أي في تدقيق مبناه وتحقيق معناه؛ (فَقِيلَ الْمُرَادُ مَا كَانَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا) من الحالة المجملة المحتملة فلا يكون فيه دليل على المسألة، (وَقِيلَ الْمُرَادُ مَا وَقَعَ لَكَ مِنْ ذَنْبٍ) سابقا (وما لم يقع) لا حقا (أعلمه أنّه مغفور له) حقا، (وَقِيلَ الْمُتَقَدِّمُ مَا كَانَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَالْمُتَأَخِّرُ عصمتك بعدها) والمعنى ليغفر لك الله ما تقدم بمحو السيئة وما تأخر ببركة حراسة العصمة؛ (حَكَاهُ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ) أي بخطابه لك ومن ذنبك (أمّته عليه الصلاة والسلام) على حذف مضاف (وَقِيلَ الْمُرَادُ مَا كَانَ عَنْ سَهْوٍ وَغَفْلَةٍ وتأويل) وقع فيه زلة وهذا أحسن ما قيل في هذه المسألة؛ (حكاه الطّبريّ) وهو محمد بن جرير (واختاره القشيريّ) وهو عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك إمام الشريعة والحقيقة وصاحب الرسالة في الطريقة؛ (وَقِيلَ مَا تَقَدَّمَ لِأَبِيكَ آدَمَ وَمَا تَأَخَّرَ من ذنوب أمّتك) على أن الإضافة لأدنى الملابسة ولك معناه لأجلك، (حكاه السّمرقنديّ) وهو الفقيه الإمام أبو الليث من أكابر الحنفية (والسّلميّ) بضم السين وفتح اللام هو أبو عبد الرحمن الصوفي صاحب طبقات الصوفية ومؤلف التفسير في التصوف (عن ابن عطاء وبمثله والّذي قبله) أي وبمثل وهذا التأويل والتأويل الذي تقدم قَبْلَهُ (يُتَأَوَّلُ قَوْلُهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ [مُحَمَّدٍ: ١٩] قَالَ مَكِّيٌّ مُخَاطَبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم ههنا هي مخاطبة لأمّته) لأدنى الملابسة في إضافة أو بحذف مضاف عن مرتبته، (وقيل إنّ النبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أُمِرَ أَنْ يَقُولَ: وَما أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ [الْأَحْقَافِ: ٩] ) أي تفصيلا لحالي وحالكم (سرّ) بضم السين وتشديد الراء أي فرح (بِذَلِكَ الْكُفَّارُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [الفتح: ١] الآية) أي ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا (وبما للمؤمنين) وفي نسخة وبمآل المؤمنين بهمزة ممدودة قبل اللام أي بما يؤولون إليه (في الآية الأخرى بعدها) أي بعد الآية الأولى، (قاله ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما) فالآية الأولى قَوْلِهِ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ والآية الأخرى التي أشار إليها هي قوله تعالى لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ إلى آخرها وهما على هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>