التأويل جواب لقوله وما أدري ما يفعل بنا ولا بكم وذلك لما نزلت وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ أدري ما فرح المشركون وقالوا واللات والعزى ما أمرنا وأمر محمد عند الله إلا واحد وما له علينا مزية زائدة ولولا أنه ابتدع ما يقوله من تلقاء نفسه لأخبره الذي بعثه بما يفعل به فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ الآية فقالت الصحابة هنيئا لك يا رسول الله قد علمنا ما يفعل الله بك فماذا يفعل فأنزل الله تعالى لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ الآيات، (فمقصد الآية) بكسر الصاد أي مرادها (إِنَّكَ مَغْفُورٌ لَكَ غَيْرُ مُؤَاخَذٍ بِذَنْبٍ أَنْ لو كان) أي حقيقة أو حكما، (قال بعضهم المغفرة ههنا) أي في هذه الآية (تبرئة من العيوب) وتنزيه من الذنوب لأن أصلها الستر فهو كالعصمة في معنى الستر من الحجاب والمنع عن الوزر (وأمّا قوله: وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ رددنه الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ [الشَّرْحِ: ٢- ٣] فَقِيلَ مَا سَلَفَ مِنْ ذَنْبِكَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ زيد) أي ابن اسلم (والحسن) أي البصري (ومعنى قول قتادة) أي ابن دعامة؛ (وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ حُفِظَ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ مِنْهَا) أي من الذنوب (وعصم) بصيغة المجهول فيهما؛ (ولولا ذلك) أي ما ذكر من الحفظ والعصمة (لأثقلت ظهرك) وفي نسخة ظهره، (حكى معناه السّمرقنديّ) أي أبو الليث، (وقيل المراد بذلك ما) أي الذي (أثقل ظهره من أعباء الرّسالة) بفتح الهمزة أي أثقالها وتحمل أحمالها وتصبر أحوالها (حتّى بلّغها) إلى أهلها، (حكاه الماورديّ والسّلميّ؛ وقيل) أراد (حططنا) أي وضعنا أو رفعنا (عنك ثقل أيّام الجاهليّة) أي اثقال آثامهم ومشاهدة أعلامهم المنكرة في الشرائع الإسلامية، (حكاه مكّيّ، وقيل ثقل شغل سرّك) أي خاطرك (وحيرتك) أي تحيرك في باطنك وظاهرك (وطلب شريعتك) وفق طريقتك (حتّى شرعنا ذلك لك) بحسب حقيقة ما هنالك، (حكى معناه القشيريّ) أي في تفسيره، (وقيل معناه) وفي نسخة المعنى (خفّفنا) بالتشديد (عليك) وفي نسخة عنك (ما حمّلت) بضم مهملة فتشديد ميم مكسورة أي كلفت حمله (بحفظنا) أي لك (لما) بكسر اللام وتخفيف الميم أو بالفتح والتشديد (استحفظت) بصيغة المجهول أي استرعيت (وحفظ عليك) أي أمرك لديك، (معنى أنقض ظهرك أي كاد ينقضه) أي قارب ولم ينقض فهو من باب مجاز المشارفة (فيكون المعنى) أي معنى الانقاض (على من جعل ذلك) أي عند من جعل ذلك الوزر (لِمَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ اهْتِمَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم بأمور فعلها قبل النّبوّة وحرّمت عليه بعد النّبوّة فعدّها) أي تلك الأمور (أوزارا وثقلت عليه) ويروى وثقلت واثقلت (وأشفق منها) أي خاف من غاية خشيته من الله وتصور عظمته، (أَوْ يَكُونُ الْوَضْعُ عِصْمَةَ اللَّهِ لَهُ وَكِفَايَتَهُ) أي حمايته (من ذنوب لو كانت) أي فرضا وتقديرا (لأنقضت ظهره) وشغلت فكره وشتتت أمره، (أو يكون) أي الوضع (من ثقل الرّسالة) أي بأدائها إلى الأمة وخلاصه عن الكفالة (أو ما ثقل عليه) أي أمره (وَشَغَلَ قَلْبَهُ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ وَإِعْلَامِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ بِحِفْظِ مَا اسْتَحْفَظَهُ مِنْ وَحْيِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ [التَّوْبَةِ: ٤٣] فَأَمْرٌ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه