وَسَلَّمَ فِيهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى نَهْيٌ فَيُعَدُّ) بالنصب أي حتى يعد مخالفته (سيئة ولا عدّه الله تعالى عليه معصية) حيث أذن له بقوله فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ (بل لم يعدّه) بفتح الدال المشددة وضمها (أهل العلم معاتبة) على أنه فعل خلاف الأولى كما هو ظاهر قوله تعالى حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (وغلّطوا) بتشديد اللام وبالطاء المهملة أي ونسبوا إلى الغلط في معنى الآية (من ذهب إلى ذلك) أي على خلاف ما هنالك؛ (قال نفطويه) بكسر نون وسكون فاء وفتح مهملة وواو مفتوحة وتحتية ساكنة وهاء مكسورة (وقد حاشاه الله تعالى) أي نزهه (من ذلك) العتاب (بل كان مخيّرا في أمرين) كما في الكتاب (قَالُوا وَقَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا شاء فيما لم ينزل عليه) بالبناء للفاعل أو المفعول (فيه وحيّ) مشتمل على نهي (فكيف وقد قال الله تعالى) أي له كما في نسخة (فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ [النُّورِ: ٦٢] فَلَمَّا أَذِنَ لهم) أي لبعضهم وهم المنافقون بناء على ظنه أنهم مؤمنون وكان الإذن مختصا بالمؤمنين لقوله تعالى وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ لأن الله تعالى لم يأمره بالاستغفار للمنافقين (أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِمَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مِنْ سرّهم) أي باطنهم يقينا (أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ لَقَعَدُوا وَأَنَّهُ لا حرج) أي لا أثم ولا تبعة (عليه فيما فعل) أي من الأذن لهم (وليس عَفَا [التوبة: ٤٣] ههنا بِمَعْنَى غَفَرَ بَلْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَفَا اللَّهُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الخيل والرّقيق ولم تجب عليهم قطّ) جملة حالية (أي لم يلزمكم ذلك) من الإلزام الشرعي هنالك، (ونحوه للقشيريّ) في تفسيره، (قال) أي القشيري (وَإِنَّمَا يَقُولُ الْعَفْوُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ ذنب) بطريق الحصر (من لم يعرف كلام العرب) أي مستوفيا، (قال ومعنى) ويروى معناه (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ أَيْ لَمْ يُلْزِمْكَ ذَنْبًا) أي وضع عنك شيئا لو لم يضعه لكان ذنبا (قال الدّاوديّ روي أنها تكرمة) أي في أول الكلام كالتقدمة ويوروى أنها كانت تكرمة؛ (قال مكّيّ هو استفتاح كلام) لمن يكون من أهل اكرام (مثل أصلحك الله وأعزّك الله) خطابا للملوك أو الأمراء أو سائر العظماء، (وحكى السّمرقنديّ أنّ معناه عافاك الله) من المعافاة وفيه نكتة خفية صوفية أي عافاك عنك وخلصك منك حتى تكون بكليتك لنا وبنا وآخذا عنا وآمنا منا ممتعا بما تتمنى من غير أن تتعنى؛ (وأمّا قوله في أسارى بدر ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى [الأنفال: ٦٧] الآيتين) يعنى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ روي أنه لما كان يوم بدر جيء بالأسارى فقال عليه الصلاة والسلام ما تقولون في هؤلاء فقال أبو بكر يا رسول الله قومك وأهلك استبقهم واستأن بهم لعل الله أن يتوب عليهم وخذ منهم فداء يكون لنا قوة على الكفار وقال عمر يا رسول الله كذبوك وأخرجوك قدمهم لضرب اعناقهم فسكت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثم قال إن مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال تعالى فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ومثلك يا عمر مثل نوح قالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً قال عمر فهوى رسول الله