للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله تعالى عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت فلما كان الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأبو بكر يبكيان فقلت يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت فقال أبكي على أصحابك في أخذهم الفداء ولقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة أشار لشجرة قريبة منه وأنزل الله تعالى ما كانَ لِنَبِيٍّ الآية وقوله أَسْرى جمع أسير مثل قتلى وقتيل وقوله حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ أي يبالغ في قتل المشركين ذكره البغوي وحاصل القضية أن الصديق كان مظهر الجمال كإبراهيم وعيسى عليهما السلام في قوله إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ والفاروق كان مظهر الجلال كنوح وموسى عليهما السلام في قوله رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وكان نبينا محمد عليه الصلاة والسلام مظهر الكمال إلا أنه يغلب عليه الجمال فلهذا مال إلى قول الصديق وعلى طبقه أيضا نزل القرآن على التحقيق وفي قوله سبحانه وتعالى لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ إيماء إلى قوله في الحديث القدسي والكلام الأنسي سبقت رحمتي غضبي وفي رواية غلبت والله ولي التوفيق فإذا عرفت ما تقدم (فليس فيه إلزام) ويروى فليس دليل الزام (ذنب للنبيّ صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ فِيهِ بَيَانُ مَا خُصَّ به) من كريم الشيم (وفضّل من بين سائر الأنبياء) وأمته من بين سائر الأمم (فكأنّه قال) تعظيما له وامتنانا وتكريما (ما كان هذا لنبيّ غيرك) لكمال فضلك أو رفعة قدرك وطولك (كما قال عليه الصلاة والسلام أُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِنَبِيٍّ قَبْلِي) روي لم تحل بضم التاء وفتح الحاء على بناء المجهول وبفتح التاء وكسر الحاء على بناء الفاعل والأولى لمناسبة أحلت هي الأولى (فَإِنْ قِيلَ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا [الأنفال: ٦٧] ) أي تختارونه (الآية) أي وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ أي يختارها لكم والله عزيز غالب على أمره حكيم في قضائه وقدره وحكمه (قيل المعنى) بكسر النون وتشديد الياء أي المقصود (بالخطاب) والمراد بالعتاب (من أراد) ويروى المعنى بفتح النون بالخطاب لمن أراد (ذلك منهم) أي من الأصحاب لا لعزة قوة أهل الإسلام في هذا الباب (وتجرّد غرضه لغرض الدّنيا) الذي في صدد الزوال (وحده) أي لا يريد غيره (والاستكثار منها) لنفسه وهم بعض ضعفاء المؤمنين ومع هذا إنما كانوا أرادوا الدنيا ليستعينوا بها على العقبى لكنه مقام أدنى بالإضافة إلى تارك الدنيا كما قال عيسى عليه السلام يا طالب الدنيا لتبر بها وتركك الدنيا أبر (وليس المراد بهذا) الخطاب المشتمل على العتاب (النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم ولا علية أصحابه) بكسر العين المهملة وسكون اللام وفتح التحتية جمع على مثل صبي وصبية أي اشرافهم ورؤساءهم ومن هنا قال ابن مسعود ولم أكن أظن أحدا من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يحب الدنيا حتى نزل قوله تعالى مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ولما سمع الشبلي رحمه الله تعالى قال آه فأين من يريد الله وأجيب عنه بلسان العبارة أن من يريد الآخرة هو من يريد الله لقوله تعالى وَاللَّهُ يُرِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>