للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقرّبين) من الأنبياء والمرسلين (أي يرونها) أي يظنون تلك الحسنات (بالإضافة إلى عليّ أحوالهم كالسّيّئات) وهذا كما قيل كان المقربون أشد استعظاما للزلة الصغيرة من الإبرار للمعصية الكبيرة وكانوا فيما أحل لهم أزهد من الإبرار فيما حرم عليهم وكان الذي لا بأس به عند الإبرار كالموبقات عند أولئك الأخبار فبين المقامين بون بين (وكذلك العصيان) أي معناه (التّرك) أي ترك الموافقة (والمخالفة) في الطاعة إلا أنه إن كان عن عمد فذنب ومعصية وإلا فزلة وعثرة (فعلى مقتضى اللّفظة) أي إطلاقها (كيف ما كَانَتْ مِنْ سَهْوٍ أَوْ تَأْوِيلٍ فَهِيَ مُخَالَفَةٌ وترك) أي وترك طاعة إما حقيقة وإما صورة (وقوله غوى أي جهل) وكان الأحسن في العبارة أن يقول لم يعرف (أنّ تلك الشّجرة) المأكول منها (هي التي نهي عنها) أي بعينها أو غيرها من جنسها فأكل منها غير عالم أنها هي بخصوصها وهذا معنى قوله تعالى فَنَسِيَ (والغيّ الجهل) وأصل معنى غوى ضل وقد يأتي متعديا فيكون المعنى أنه أغوته حواء بأن تبعها في الهوى (وقيل) أي في معنى غوى (أَخْطَأَ مَا طَلَبَ مِنَ الْخُلُودِ إِذْ أَكَلَهَا) إذ تعليلية والمعنى لأنه أكلها (وخابت أمنيّته) بضم الهمزة وكسر النون وتشديد التحتية وهي ما يتمنى والجمع أماني مشددا ويخفف (وهذا يوسف عليه السّلام قد ووخذ) بواوين وفي نسخة أوخذ أي عوتب (بقوله لأحد صاحبي السّجن) أي ساكنه معه وهو الشرابي للملك (اذْكُرْنِي) أي حالي عِنْدَ رَبِّكَ) أي سيدك ليخلصني من سجني (فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ) مصدر مضاف إلى مفعوله أي أنساه ذكر يوسف لسيده (فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ) أي مكث في الحبس (بِضْعَ سِنِينَ [يوسف: ٤٢] ) وأكثر ما قيل إنه عليه السلام لبث فيه سبع سنين وقيل لبثها سبعا أي بعد قوله اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ (قيل أنسي يوسف) بصيغة المجهول أي أنساه السيطان (ذكر الله تعالى) حتى استعان بما سواه؛ (وَقِيلَ أُنْسِيَ صَاحِبُهُ أَنْ يَذْكُرَهُ لِسَيِّدِهِ الْمَلِكِ) كما قدمناه وفي الجملة، (قال النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم لولا كلمة يوسف) أي هذه (ما لبث في السّجن ما لبث) أي مدة لبثه وفي رواية رحم الله أخي يوسف لم يقل اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ لما لبث في السجن سبعا بعد الخمس على ما بيناه والاستعانة في كشف شدائد البلاء وإن كانت محمودة في الجملة لكن لا تليق بمنصب الأنبياء والكمل من الأولياء والاصفياء ونظيره ما حكي عن الجنيد أنه كان في جنازة فرأى سائلا يسأل فخطر بباله لو اكتسب هذا لكان خيرا له من أن يسأل فرأه في منامه ميتا ويقال له كل منه فقال كيف آكل منه وهو آدمي فقيل له إنك اغتبته فقال معاذ الله وإنما خطر ببالي ذلك فقيل له إنا لا نرضى من مثلك بهذا (قال ابن دينار) من اجلاء التابعين واسمه مالك مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة وهو من أجل علماء البصرة وزهادهم يروي عن أنس وسعيد بن جبير وثقه النسائي وغيره وقد ذكره ابن حبان في الثقات أخرج له الأربعة وعلق له البخاري وقد رواه ابن أبي حاتم أيضاف عن أنس موقوفا (لمّا قال ذلك يوسف) أي اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ (قيل له) أي بالوحي الجلي أو الخفي وهو الإلهام الغيبي (أتّخذت من

<<  <  ج: ص:  >  >>