دوني وكيلا) بهمزة الاستفهام الانكاري مقررا أو مقدرا (لأطيلنّ حبسك) أي عن غيري لتطمئن إلى أمري وتسلم لي في قضائي وقد روي وتعرف حقيقة قدري فحبسه كان تهذيبا لا تعذيبا كالأربعين للمريدين تأديبا وتدريبا، (فقال) أي يوسف اعتذارا (يا ربّي أنسى قلبي كثرة البلوى) النازلة على قلبي من حين ألقيت في جبي وفورق بيني وبين أبي وحبي؛ (وقال بعضهم يؤاخذ) بصيغة المفعول وفي نسخة بالفاعل وفي أخرى أخذ (الأنبياء بمثاقيل الذّرّ) أي من محقرات الأمر (لمكانتهم عنده) أي لرفعة مرتبتهم لديه في القدر (ويجاوز) بالوجهين وفي نسخة ويتجاوز وفي أخرى وتجاوزه (عن سائر الخلق لقلّة مبالاته بهم) أي لعدم عنايته ورعايته وحمايته فيهم وإلا لكانوا كلهم اصفياء من انبياء أو أولياء (في أضعاف ما أتوا به) بقصر الهمزة أي ما فعلوه (من سوء الأدب) أي كالجبال في مخالفة أمر الرب (وقد قال المحتجّ للفرقة الأولى) أي اعترض المستدلي الموافق للطائفة السابقة القائلة بإثبات المعصية للأنبياء بعد البعثة وأورد (على سياق ما قلناه) ولحاق ما أولناه بطريق السؤال لما ظهر له من الإشكال حيث قال (إذا كان الأنبياء يؤاخذون بهذا) الحال والمنوال (مِمَّا لَا يُؤَاخَذُ بِهِ غَيْرُهُمْ مِنَ السَّهْوِ والنّسيان) في الأقوال والأفعال (وما ذكرته) من حالهم بأنهم يؤاخذون بمثاقيل الذر مما لا يؤاخذ به غيرهم في مقادير الجبال (وحالهم أرفع) جملة حالية أي والحال أنهم أرفع درجة في نفس الأمر (فحالهم إذن) أي حينئذ (في هذا) أي في حق المؤاخذة (أسوأ حالا من غيرهم) حيث يعاملون بالمسامحة والمساهلة وهذا من خسافة العلم ورثاثة الفهم إذ لم يهتد إلى أن الأرفع درجة والأقرب منزلة من ربه لا يسامح بما يسامح البعيد عن مقام قربه كالوزراء والأمراء بالنسبة إلى الملوك إذا كانوا على بساط الانبساط يخالف عليهم أقوى من الرعايا في المفازات البعيدة المشتغلين بأنواع النشاط ومن هنا يعلم معنى قوله تعالى إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ وحديث أنا أخشاكم له واتقاكم إذا عرفت ذلك مجملا، (فاعلم) ما سنلقي إليك مفصلا (أكرمك الله أنّا لا نثبت) بالتشديد والتخفيف (لك) أي مخاطبا لك ومبينا لأجلك (المؤاخذة) أي مؤاخذتهم (في هذا) الباب (على حدّ مؤاخذة غيرهم) من حلول العقاب وحصول الحجاب الدنيوي أو الأخروي؛ (بل نقول إنّهم) أي الأنبياء ونحوهم من العلماء (يؤاخذون بذلك في الدّنيا ليكون ذلك) مع كونه كفارة لما صدر عنهم هنالك (زيادة) أي لهم كما في نسخة (في درجاتهم) في العقبى (ويبتلون) بضم الياء وفتح اللام على صيغة المجهول أي ويمتحنون (بذلك) أي بمؤاخذة ربهم (ليكون استغفارهم له) وفي أصل الأنطاكي ليكون استشعارهم له أي ليكون وقوع ذلك في قلوبهم (سببا لمنماة رتبهم) بفتح الميم الأولى أي لزيادة مراتبهم ومزية مناقبهم (كما قال) عز من قائل في حق آدم عليه الصلاة والسلام (ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى [طَهَ: ١٢٢] ) وقال في حق يونس عليه الصلاة والسلام فَاجْتَباهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ أي الكاملين في الصلاح القائمين بحقوق الله تعالى وحقوق العباد على وجه الفلاح (وقال تعالى لداود) أي في حقه ولأجله (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ [ص: ٣٥] الآية) أي