إليهم) ما أمرهم الله تعالى به من الأنباء (كالأنبياء مع الأمم) في هذه الأشياء (واختلفوا) أي العلماء (في غير المرسلين منهم) أمعصومون هم كمرسليهم أم لا (فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى عِصْمَةِ جَمِيعِهِمْ عَنِ الْمَعَاصِي واحتجّوا) أي استدلوا وهم الأئمة وفي نسخة واحتجت أي الطائفة والفرقة في عصمتهم من جميع المعصية (بِقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ) أي فيما أمرهم به فيما مضى (وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ [التحريم: ٦] ) فيما يستقبل أو لا يمتنعون عن قبول الأوامر والتزامها ويؤدون ما يؤمرون ولا يتثاقلون عن القيام به (وبقوله وَما مِنَّا) أي معشر الملائكة أحد (إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) لعبادته لا يتجاوز إلى غير حالته (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) أقدامنا في الصلاة أو الحافون حول العرش وافقون (وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ [الصافات: ١٦٤- ١٦٦] ) أي المنزهون لله عما يشركون وبقوله: وَمَنْ عِنْدَهُ) أي عندية مكانة ومنزلة وهو مبتدأ خبره (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ) تعظما (وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) أي لا يعيون ولا يتعبون ولا ينقطعون تفاقما (الآية) أي يسبحون الليل والنهار لا يفترون كما في نسخة أي لا ينقطعون ولا يملون (وبقوله: إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ أي مقربون (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ [الأعراف: ٢٠٦] ) بل يفتخرون بطاعته (الآية) أي ويسبحونه وله يسجدون حقيقة أو ينقادون لحكمه ويتذللون بالخضوع والخشوع لأمره، (وبقوله) تبارك وتعالى في وصفهم (كِرامٍ) أي مكرمين على الله (بَرَرَةٍ [عبس: ١٦] ) أي اتقياء مطيعين في مقام رضاه (لا يَمَسُّهُ) أي اللوح المحفوظ أو القرآن المحفوظ (إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [الواقعة: ٧٩] ) أي الملائكة المتطهرون من أدناس الذنوب وأجناس العيوب (ونحوه) أي وبأمثال ما ذكر (من السّمعيّات) من الكتاب والسنة، (وذهبت طائفة) من العلماء (إلى أنّ هذا) أي ما ذكر من قضية العصمة وعدم المخالفة (خصوص للمرسلين والمقرّبين منهم) أي من الملائكة، (واحتجّوا بأشياء ذكرها أهل الأخبار والتّفاسير) المعتمدة على ما نقله فيها عن الرهبان والأحبار (نحن نذكرها إن شاء الله بعد) أي بعد ذلك (ونبيّن الوجه) أي إلا وجه (فيها) هنالك (إن شاء الله تعالى) أي أراده وقضاه وما أحسن ما قاله الشافعي رحمه الله تعالى:
فما شئت كان وإن لم أشأ ... وما لم تشأ أن اشأ لم يكن
وهو مضمون كلام اتفق عليه السلف والخلف مما ثبت في الحديث ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن (والصّواب عصمة جميعهم) أي الملائكة من جنس المعصية (وتنزيه نصابهم) أي تبرئة ساحة منصبهم وقدرهم (الرّفيع) عند ربهم (عن جميع ما يحطّ من رتبتهم) ويروى من رتبهم (ومنزلتهم عن جليل مقدارهم) وجميل درجتهم (ورأيت بعض شيوخنا أشار بأن) وفي نسخة مال إلى أن أي أنه يعني الشأن (لا حاجة بالفقيه) أي له (إلى الكلام في عصمتهم) بل يجوز له السكوت عن تفصيل حالتهم ومرتبتهم، (وأنا أقول إنّ للكلام في ذلك) المرام من كثرة الفوائد (ما للكلام) وفي نسخة كالكلام (فِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الْفَوَائِدِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا) فيما