تقدم من الفصول المشتملة على أنواع من الفوائد (سوى فائدة الكلام في الأقوال والأفعال) لعدم اطلاعنا على ما يصدر عنهم من قول وقيل مفصلا وإنما نعرف أحوالهم مجملا مع أنا لسنا مكلفين باتباعهم فيها فلا داعي إلى إثبات عصمتهم فيها من طرق ما لا يليق بهم فيها حمدا أو سهوا (فهي) أي فائدة الكلام في أقوالهم وأفعالهم (ساقطة ههنا) أي غير مذكورة في بيان عصمتهم لعدم احتياجنا إليها فإذا عرفت هذا، (فَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ مَنْ لَمْ يُوجِبْ عِصْمَةَ جميعهم) أي جميع أفراد الملائكة بل يوجب عصمة جنسهم الصادق على بعضهم (قصّة هاروت وماروت) وهما ملكان نزلا ببابل قرية بالعراق اسمان اعجميان بدلالة منع صرفهما للعلمية والعجمة (وما ذكر) عطف على قصة أي وما ذكره (فيها) أي في قصتهما (أهل الأخبار ونقلة المفسّرين) عن الأحبار من أن الملائكة عيرت بني آدم بعصيانهم الله تعالى كما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر يا رب هؤلاء ما أقل معرفتهم بعظمتك فقال لو كنتم في مسلاخهم لعصيتموني قالوا كيف يكون هذا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال فاختاروا منكم ملكين فاختاروهما فأهبطا إلى الأرض وركبت فيهما شهوات بني آدم ومثلت لهما امرأة فما عصما حتى واقعا المعصية فقال الله تعالى لهما اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا (وما روي) أي عن إسحاق بن راهويه وعبد بن حميد وغيرهما (عن عليّ) كرم الله تعالى وجهه (وابن عبّاس) رضي الله تعالى عنهما (في خبرهما) أي هاروت وماروت فعن علي رضي الله تعالى أن هذه الزهرة يسميها العجم ناهيذ وكان الملكان يحكمان بين الناس فأتتهما امرأة فأرادها كل منهما مخفيا من الآخر فقال أحدهما يا أخي أريد أن أذكر لك ما في نفسي فقال اذكره لعله ما في نفسي فاتفقا فقالت لا أمكنكما أو تخبراني أي حتى تعلماني بما تصعدان به إلى السماء وتهبطان به فقالا باسم الله الاعظم قالت علمانية فعلماها إياه فتكلمت به فطارت إلى السماء فمسخها الله تعالى كوكبا وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن ملائكة سماء الدنيا قالوا يا ربنا أهل الأرض يعصونك فقيل لهم اختاروا منكم ثلاثة يحكمون في الأرض وجعل فيهم شهوة بني آدم وأمروا أن لا يقترفوا ذنبا فاستقال منهم واحد فأقبل فهبط اثنان فأتتهما امرأة من أحسن النساء فهوياها فأتيا منزلها وأراداها فأبت حتى يشربا خمرها ويقتلا ابن جارها ويسجدا لوثنها فأبيا إلا أن يشربا فشربا ثم قتلا ثم سجدا وقالت أخبراني بالكلمة التي إذا قلتماها طرتما إلى السماء فأخبراها فطارت فمسخت حمرة وهي الزهرة فأرسل إليهما سليمان بن داود وقيل ادريس فخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا فهما مناطان بين السماء والأرض قيل معلقان بشعورهما وقيل جعل في جب ملئت نارا منكوسان يضربان بسياط الحديد (وابتلائهما) أي ما روي من اختبارهما بما ذكر وبالسحر فتنة للناس أي امتحانا لهم فمن تعلمه وعمل به معتقدا حله كفر ومن تجنبه أو تعلمه ليتوقي شره لم يكفر، (فَاعْلَمْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ أَنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ لَمْ يُرْوَ مِنْهَا شَيْءٌ لَا سَقِيمٌ وَلَا صَحِيحٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وسلم) أي وإنما رويت عن