للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه ومنه قوله تعالى يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى وفي نسخة لا تتحيلوا بالحاء المهملة (بكذا) أي وكذا (فإنّه سحر فلا تكفروا فعلى هذا) التفسير (فعل الملكين طاعة) بلا شبهة (وتصرّفهما فيما أمرا به) بما أنزل عليهما (ليس بمعصية) وفي نسخة معصية أي مخالفة (وهي) أي هذه الحالة (لغيرهما فتنة) أي ابتلاء ومحنة، (وروى ابن وهب) وهو عبد الله بن وهب المصري المعلم وقد تقدم (عن خالد بن أبي عمران) التجيبي التونسي قاضي إفريقية يروي عن عروة وجماعة وعنه الليث بن سعد وعدة صدوق فقيه عابد ثقة (أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَهُ هَارُوتُ وَمَارُوتُ وَأَنَّهُمَا يُعَلِّمَانِ) أي الناس كما في نسخة (السّحر فقال نحن ننزّههما عن هذا) أي عن تعليم السحر لأنه كفر أو كبيرة ويروى عن هذه النقيصة (فَقَرَأَ بَعْضُهُمْ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ [الْبَقَرَةِ: ١٠٢] ) بناء على أن ما موصولة وهاروت وماروت بدل منهما فيكون حجة على إثباته لهما (فقال خالد) دفعا لما ورد عليه بقوله وَما أُنْزِلَ معناه أنه (لم ينزل عليهما) بناء على كون ما نافية (فهذا خالد على جلالته) أي عظيم رتبته (وعلمه) أي وكثرة معرفته (نَزَّهَهُمَا عَنْ تَعْلِيمِ السِّحْرِ الَّذِي قَدْ ذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُمَا مَأْذُونٌ لَهُمَا فِي تَعْلِيمِهِ بِشَرِيطَةِ أن يبيّنا أنه كفر وأنّه) أي أمرهما (امتحان من الله تعالى وابتلاء) أي اختبار لخلقه وليس فيه محظور ولا يترتب عليه محذور ويمكن الجمع بأن المثبت يحمل أمرهما على أنهما مأموران والنافي على ضد ذلك فيرتفع الخلاف هنالك، (فكيف لا ينزّههما عن كبائر المعاصي) من قتل النفس والزنا وشرب الخمر (والكفر) من السجدة للصنم (المذكورة في تلك الأخبار) المسطورة المشهورة وقد قدمنا دفع الإشكال حيث حملنا حالهما حينئذ على سلب ماهية الملكية عنهما وتركيب الشهوة البشرية فيهما والكلام في حق الملائكة الثابتة على جبلتهم الأصلية بخلاف الأحوال العارضية، (وَقَوْلُ خَالِدٍ لَمْ يُنْزَلْ يُرِيدُ أَنَّ مَا نافية) كما قدمناه (وهو قول ابن عباس) أي رواية عنه، (قال مكّيّ وتقدير الكلام) على قول خالد تبعا لابن عباس أن ما نافية عطفا على قوله تعالى (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ يريد) أي الله سبحانه وتعالى أن سليمان ما كفر (بالسّحر الّذي افتعلته عليه) أي افترته عليه (الشّياطين واتّبعهم في ذلك اليهود) فإن الشياطين كتبوا السحر ودفنوه تحت كرسيه ثم لما مات سليمان عليه السلام أو نزع منه ملكه استخرجوه وقالوا تسلطه في الأرض بهذا السحر فتعملوه وبعضهم نفوا نبوته وقالوا ما هو إلا ساحر فبرأه الله مما قالوا فقال وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ، قَالَ مَكِّيٌّ هُمَا) يعني الملكين اللذين لم ينزل عليهما (جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ ادَّعَى الْيَهُودُ عَلَيْهِمَا الْمَجِيءَ بِهِ كَمَا ادَّعَوْا عَلَى سُلَيْمَانَ فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ فِي ذلك) فإن سحرة اليهود زعموا أن السحر أنزل على لسانهما إلى سليمان فردهم الله تعالى وعلى هذا فقوله ببابل متعلق بيعلمون وهاروت وماروت اسمان لرجلين صالحين سيما ملكين باعتبار صلاحهما ويؤيده قراءة الملكين بالكسر ابتلاهما الله بالسحر وقعا بدل بعض من الشياطين هذا وعن مجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما أن سليمان أخذ ما في أيدي الشياطين من السحر ودفنه

<<  <  ج: ص:  >  >>