للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن إسحاق) وقد رواه البيهقي عن عروة والزهري أيضا (أنّه صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَزَلَ بِأَدْنَى مِيَاهِ بَدْرٍ) أي في أبعدها منه (قال له الحباب بن المنذر) بضم الحاء المهملة وبموحدتين الخزرجي وكان يقال له ذو الرأي توفي في خلافة عمر كهلا ولم يرو نقلا (أَهَذَا مَنْزِلٌ أَنْزَلَكَهُ اللَّهُ لَيْسَ لَنَا أَنْ نتقدّمه) لا بأن نتأخر عنه ولا أن نتقدم عليه (أم هو الرّأي والحرب والمكيدة) وهي مفعلة من الكيد بمعنى المكر يعني فلنا المخالفة فإن الحرب خدعة والمكيدة بمعنى الخديعة واقعة (قَالَ: «لَا بَلْ هُوَ الرَّأْيُ وَالْحَرْبُ وَالْمَكِيدَةُ) أي لم ينزلني الله تعالى فيه ولم يأمرني به وإنما وقع نزولي فيه اتفاقا من غير تأمل في أمره وقد أمرني الله تعالى بقوله قولكم في مصلحة أمركم حيث قال وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ (قال فإنّه ليس بمنزل) مرضي بحسب العقل، (انهض) بفتح الهاء والضاد المعجمة وهو القيام إلى الشيء بالسرعة والعجلة أي قم لنا وانتقل بنا (حتّى نأتي أدنى ماء) أي أقربه (من القوم) يعني قريشا (فننزله ثمّ نعوّر ما وراءه من القلب) بضمتين جمع قليب وهو البئر ونعور بتشديد الواو المكسورة بعد عين مهملة وقيل معجمة فعلى الأول أي نفسدها عليهم وعلى الثاني نذهبها في الأرض وندفنها لئلا يقروا على الانتفاع بها وفي رواية السهيلي بضم العين المهملة وسكون الواو وهي لغة فيها (فنشرب ولا يشربون) أي منها، (فقال أشرت بالرّأي) أي الصحيح (وفعل ما قاله) أي الحباب في هذا الباب وقد روى ابن سعد أنه نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال الرأي اشار به الحباب، (وقد قال الله تعالى) أي وأمره عليه الصلاة والسلام بقوله (وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [آل عمران: ١٥٩] ) ومدحهم في مواضع أخر فقال وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وعنه صلى الله تعالى عليه وسلم ما تشاور قوم إلا هدوا لا رشد أمرهم وقد ورد ما خاب من استخار ولا ندم من استشار (وأراد) أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في غزوة الأحزاب (مصالحة بعض عدوّه على ثلث تمر المدينة) من التمر وغيره وفي نسخة بالتاء الفوقية (فاستشار الأنصار) كما رواه البزار عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه بلفظ جاء الحارث الغطفاني إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال يا محمد ناصفنا ثمر المدينة وإلا ملأناها عليك خيلا ورجلا فقال حتى استأمر السعود يعني سعد بن عبادة وسعد بن معاذ فشاورهما فقالا لا والله ما اعطينا الدنيئة من أنفسنا بالجاهلية وقد جاء الله تعالى بالإسلام وفي رواية ابن إسحاق أنه عليه الصلاة والسلام أراد في غزوة الخندق أن يقاضي أي يصالح بذلك عيينة بن حصين الفزاري والحارث بن عوف المري وهما قائدا غطفان واستشار صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فقال سعد بن معاذ يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله تعالى وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قري أو بيعا فحين أكرمنا الله تعالى بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا ما لنا بهذا من حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله تعالى بيننا وبينهم فقال عليه الصلاة والسلام فأنت وذاك القصة

<<  <  ج: ص:  >  >>