وترفعون الأمر (إليّ ولعلّ بعضكم أن يكون ألحن) أي أعرف وأفطن (بحجّته) أي خصومته وتبيين بينته وطريق تمشيته ومنه قول عمر بن عبد العزيز عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم أي فاطنهم (من بعض) لبلاهته أو لصفاء حالته (فأقضي له) أي فاحكم (على نحو) بالتنوين (ممّا أسمع) أي منه كما في نسخة يعني من كلامه حيث لم أعرف حقيقة مرامه وفي نسخة على نحو ما اسمع بالإضافة، (فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ) فيما ظهر لي على وجه يكون الأمر في الواقع بخلافه (فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قطعة من النّار) لبناء أحكام شريعته على الظاهر وغلبة الظن في قضيته وقد ورد نحن نحكم بالظواهر والله اعلم بالسرائر وإنما صدر الحديث بقوله إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ إيذانا بأن السهو والنسيان غير مستبعد من الإنسان وأن الوضع البشري يقتضي أن لا يدرك من الأمور الشرعية إلا ظواهرها تمهيدا للمعذرة فيما عسى يصدر عنه عليه الصلاة والسلام من أمثال تلك الأحكام ولو كان نادرا في الأيام وليس هذا من قبيل الخطأ في الحكم فإن الحاكم مأمور مكلف بأن يحكم بما يسمع من كلام الخصمين وبما تقتضيه البينة لا بما في نفس الأمر في القضية حتى لو حكم المبطل في دعواه بشاهدي زور وفق مدعاه وظن القاضي عدالتهما فهو محق في الحكم وإن لم يكن المحكوم به ثابتا في نفس الأمر. (حدّثنا الفقيه أبو الوليد رحمه الله تعالى) أي الباجي وهو هشام بن أحمد وهو ابن العواد (حدّثنا الحسين بن محمد الحافظ) هو أبو علي الغساني (حدّثنا أبو عمر) أي ابن عبد البر حافظ الغرب (حدّثنا أبو محمد) هو عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن القرطبي من قدماء شيوخ ابن عبد البر كان تاجرا صدوقا (حدّثنا أبو بكر) وهو ابن داسة راوي السنن عن أبي داود (حدّثنا أبو داود) وهو حافظ العصر صاحب السنن (حدّثنا محمد بن كثير) بفتح الكاف وكسر المثلثة العبدي البصري يروي عن شعبة والثوري عاش تسعين سنة أخرج له الأئمة الستة (أخبرنا سفيان) قال الحلبي الظاهر أنه الثوري ومستندي في هذا أن الحافظ عبد الغني ذكر الثوري فيمن روى عنه محمد بن كثير ولم يذكر ابن عيينة وفي التذهيب قال روي عن سفيان وأطلق فحملت المطلق على المقيد قلت وكلاهما إمامان جليلان في مقامهما فلا إشكال في ابهامهما (عن هشام بن عروة عن أبيه) سبق الكلام عليهما (عن زينب بنت أمّ سلمة) ربيبة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم صحابية أخرج لها الأئمة الستة لها الرواية عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أيضا وكان اسمها برة بفتح الموحدة فقال صلى الله تعالى عليه وسلم وسلم فلا تزكوا أنفسكم الله اعلم بأهل البر منكم فسماها زينب (عن أمّ سلمة) إحدى أمهات المؤمنين (قالت قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الحديث) كما تقدم وسبق أنه رواه الشيخان وغيرهما (وفي رواية الزّهريّ) وهو الإمام العالم (عن عروة) وقد تقدم، (فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ) أي أفصح أو أكثر بلاغا يقال بالغ يبالغ مبالغة وبلاغا إذا اجتهد في الأمر أي أجهد نفسه في إيصال كلامه إلى ذهن سامعه واقتصر الدلجي عليه وفيه أنه لا يبنى أفعل من غير الثلاثي المجرد إلا بتقوية