أشد ونحوه فلو أريد هذا المعنى لقيل أكثر تبليغا أو أشد بلاغا ونحوهما (فأحسب أنّه صادق) أي أظن أنه في قوله لما في نفس الأمر موافق (فأقضي له) بما أظنه أنه يستحقه، (ويجري) من الإجراء أي ويمضي (أحكامه عليه الصلاة والسلام) وفي نسخة يجري من الجريان أي وتقع أحكامه عليه الصلاة والسلام ويروى أحكامهم (على الظّاهر) من الأمور وأحوال الأنام (وموجب) بفتح الجيم أي ومقتضى (غلبات الظّنّ) جمع باعتبار جمع القضايا (بشهادة الشّاهد) أي جنسه تارة (ويمين الحالف) أخرى عند انكاره وعدم البينة على خلافه (ومراعاة الأشبه) مما يظنه حقا وقال التلمساني يعني في الحكم بالقائف أقول وهذه مسألة مختلف فيها (ومعرفة العفاص) بكسر العين والصاد المهملتين بينهما فاء بعدها ألف الوعاء الذي يكون فيه الشيء (والوكاء) بكسر أوله ممدودا خيط الوعاء والمراد كل ما يربط من صرة وغيرها والمعنى أنه عليه الصلاة والسلام بنى أمره في الأحكام على الأمور الظاهرة من الشهادة واليمين والشبه ومعرفة الوعاء والوكاء في اللقطة من الأشياء وقد أغرب الدلجي حيث قال كني بالعفاص والوعاء عما يظهر له من فحوى كلام الخصمين مما يظن به حقيقة ما ادعى به (مع مقتضى حكمة الله تعالى فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ تَعَالَى لَوْ شَاءَ لَأَطْلَعَهُ) أي نبيه (على سرائر عباده) من أهل ملته (ومخبّآت) أي مخفيات (ضَمَائِرِ أُمَّتِهِ فَتَوَلَّى الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ بِمُجَرَّدِ يَقِينِهِ وعلمه) حينئذ (دون حاجة) أي من غير افتقار له (إلى اعتراف) من أحد المتخاصمين بالحق (أو بينة أو يمين أو شبهة) أي مشابهة ومناسبة ترجح الحكم لأحد وكل ذلك على تقدير مشيئة الله تعالى إطلاعه عليه الصلاة والسلام في القضايا (ولكن لمّا أمر الله أمّته باتّباعه) في قواعد شريعته (وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ وَقَضَايَاهُ وَسَيَرِهِ) أي طريقته (وكان هذا) أي ما أمر الله تعالى أمته باتباعه في جميع سيرته (لو كان ممّا يختصّ) أي النبي عليه الصلاة والسلام (بعلمه ويؤثره الله به) أي بانفراده واختصاصه (لَمْ يَكُنْ لِلْأُمَّةِ سَبِيلٌ إِلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ في شيء من ذلك) لعدم إطلاعهم على حقيقة وقوع ما هنالك (ولا قامت) بعده (حجّة) على من خالف أمرا من أمور دينه (بقضيّة من قضاياه لأحد) من حكام ملته (في شريعته) على أحد من أمته (لأنّا لا نعلم ما أطلع عليه) من الإطلاع أو الإطلاع أي مما أوثر به (هو في تلك القضيّة) المرفوعة إليه (بحكمه هو إذن) أي حينئذ (في ذلك) أي في وقت ورودها هنالك (بالمكنون) أي المستور (مِنْ إِعْلَامِ اللَّهِ لَهُ بِمَا أَطْلَعَهُ عَلَيْهِ من سرائرهم) أي ضمائرهم (وهذا) الأمر المكنون والسر المصون (ممّا لا تعلمه الأمّة) إذ لا يطلع عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رسول وأما الأولياء وإن كان قد ينكشف لهم بعض الأشياء لكن علمهم لا يكون لهم يقينا وإلهامهم لا يفيد إلا أمرا ظنيا وبهذا المقال يندفع ما يرد على الحصر في الآية من نوع الإشكال والله تعالى اعلم بالأحوال ثم الأولياء من أرباب الكشوف لا يوجدون في كل زمان ومكان أيضا وربما يدعي كل أحد أنه في مرتبة الولاية العلية (فأجرى الله تعالى أحكامه على ظواهرهم) في القضية (الّتي يستوي في ذلك هو) أي النبي عليه الصلاة والسلام (وغيره من البشر) في زمنه