للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خصوصا (لقصد المصلحة) المعلقة بالأحوال الأخروية (كتوريته عن وجه مغازيه) حيث كان إذا أراد غزاة ورى بغيرها أي سترها وأوهم أنه يريد غيرها وأصله من الوراء أي ألقى البيان وراء ظهره (لئلّا يأخذ العدوّ حذره) أي احترازه واحتراسه بعد بلوغ خبره وفي الحديث أن في المعاريض لمندوحة عن الكذب (وكما) عطف على كتوريته وقال الدلجي أي ومثل توريته ما (روي من ممازحته ودعابته) بضم داله المهملة أي ملاعبته ومنه قوله لجابر هلا بكرا تداعبها وفيه إشارة إلى ملاعبة صغارهم فعن أنس أنه عليه الصلاة والسلام دخل على أم سليم فرأى أبا عمير حزينا فقال يا أم سليم ما بال أبي عمير حزينا قالت يا رسول الله مات بغيره الذي كان يلعب به فقال عليه الصلاة والسلام أبا عمير ما فعل النغير رواه الترمذي أو المراد بها ممازحته ومطايبته ومنه قول عمر وقد ذكر عنده علي للخلافة ولا دعابة فيه فتحصل أن الدعابة أعم من الممازحة (لبسط أمّته معه) أي لانبساطهم معه أو لانبساطه معهم وانشراح صدر وطيب خاطر فيما بينهم تأنيسا لهم ببشاشة ملاقاة وطلاقة وجه وحلاوة مكالمة (وتطييب قلوب المؤمنين من صحابته) قال الدلجي من بيانية لا تبعيضية وأقول الأظهر الثاني لأن مزاحه عليه الصلاة والسلام لم يكن مع جميع أصحابه الكرام (وتأكيدا في تجيبهم) ويروى في تحببهم أي في محبتهم فيه وميلهم إليه (ومسرّة نفوسهم) أي فرحها حال حضورهم لديه صلى الله تعالى عليه وسلم (كقوله) لبعض أصحابه على ما رواه أبو داود والترمذي وصححه عن أنس رضي الله عنه (لأحملنّك على ابن النّاقة) ولفظ الترمذي أن رجلا استحمل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال إني حاملك على ولد الناقة وروى ابن سعيد بإسناده أن أم أيمن جاءت إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقالت احملني فقال احملك على ولد الناقة فقالت إنه لا يطيقني فقال لا احملك إلا على ولد الناقة والإبل كلها ولد النوق فدل على تعدد الواقعة فقال يا رسول الله ما أصنع بولد الناقة فقال عليه الصلاة والسلام وهل تلد الإبل إلا النوق (وقوله) فيما رواه ابن أبي حاتم وغيره من حديث عبد الله بن سهم الفهري (لِلْمَرْأَةِ الَّتِي سَأَلَتْهُ عَنْ زَوْجِهَا أَهُوَ الَّذِي بعينه بياض وهذا) أي ما قاله عليه الصلاة والسلام مداعبة (كلّه صدق لأنّ كلّ جمل) صغيرا كان أو كبيرا هو (ابن ناقة وكلّ إنسان بعينه بياض) أي قليل غالبا (وقد قال عليه الصلاة والسلام) أي حين قالوا يا رسول الله أنك تداعبنا (إنّي لأمزح ولا أقول إلّا حقّا) رواه الترمذي وقال العلماء المباح من المزاح هو الذي يفعله على الندرة لمصلحة تطييب نفس المخاطب وهذا القدر هو المستحب وهو الذي كان يفعله رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وأما الذي فيه إفراط مما يورث الضحك وقسوة القلب والشغل عن ذكر الله تعالى وأمور الدين ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء ويورث الأحقاد فهو منهي عنه (هذا) أي مزاحه (كلّه فيما بابه الخبر) بمعنى الأخبار. (فَأَمَّا مَا بَابُهُ غَيْرُ الْخَبَرِ مِمَّا صُورَتُهُ صورة

<<  <  ج: ص:  >  >>