الأمر) باللام أو بالصبغة (والنّهي) أي صورة النهي للغالب أو الحاضر ولو (في الأمور الدّنيويّة فلا يصحّ) القول بصدوره (مِنْهُ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ أحدا بشيء أو ينهاه عنه وهو يبطن) أي يضمر (خلافه) جملة حالية (وقد قال عليه الصلاة والسلام ما كان) أي ما صح وما استقام (لنبيّ أن تكون له خائنة الأعين) أي ايماؤه بها على وجه الخيانة وقد قال تعالى يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ أي ما يسترق من النظر إلى ما لا يحل وقيل هو النظر لريبة وما تخفي الصدور من خبث النية وفساد الطوية والخائنة اسم فاعل أو مصدر بمعنى الخيانة أي ما يخان به كالعافية بمعنى المعافاة وعن الشيخ أبي الحسن الشاذلي خائنة الأعين النظر لمحاسن المرأة وما تخفى الصدور حب مواقعتها وفي بعض الكتب المنزلة من قول الله عز وجل (أنا مرصد لهم) أنا العالم بحال الفكر وكسر الجفون أي من البصر وسبب ورود الحديث أنه عليه الصلاة والسلام لما كان يوم فتح مكة آمن الناس إلا جماعة منهم عبد الله بن أبي سرح فاختبأ عند عثمان رضي الله تعالى عنه وكان أخاه لامه فلما دعا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال يا نبي الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ذلك ثم أقبل على أصحابه فقال أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن مبايعته فيقتله فقالوا ما ندري يا رسول الله ما في نفسك إلا أومأت إلينا بعينك قال إنه لا ينبغي أن يكون لنبي خائنة الأعين رواه أبو داود والنسائي من حديث سعد ابن أبي وقاص واختلف في المراد بخائنة الأعين ما قاله ابن الصلاح في مشكله فقيل هي الإيماء بالعين وقيل مسارقة النظر وعبارة الرافعي هو الإيماء إلى غير مباح من ضرب أو قتل على خلاف ما يظهر ويشعر به الحال وإنما قيل لها خائنة الأعين تشبيها بالخيانة من حيث إنه يخفي خلاف ما يظهر واختاره النووي وقال كان يحرم ذلك عليه صلى الله تعالى عليه وسلم ولا يحرم على غيره إلا في محظور وقال صاحب التلخيص من الشافعية لم يكن له عليه الصلاة والسلام أن يخدع في الحرب مستدلا بهذا الحديث وخالفه الجمهور وعلله الرافعي بأنه اشتهر أنه عليه الصلاة والسلام أن يخدع في الحرب مستدلا بهذا الحديث وخالفه الجمهور وعلله الرافعي بأنه اشتهر أنه عليه السلام قال الحرب خدعة وهو بفتح الخاء لغة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وفيها لغات أخر والفرق لهم أن الرمز يزري بالرامز بخلاف الإبهام في الأمور العظام وعبد الله هذا كان كاتبه عليه الصلاة والسلام فارتد ثم أسلم وحسن إسلامه ومات ساجدا والحاصل أنه عليه الصلاة والسلام إذا لم يكن له خيانة الأعين في الأمر الظاهر (فكيف أن تكون له خائنة القلب) وهو بيت الرب الطيب الطاهر ويروى خائنة القلب (فَإِنْ قُلْتَ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي قصّة زيد) أي ابن حارثة الكلبي مولى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولم يسم في القرآن أحد من الصحابة