للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترمذي (والخديعة) أي وكذا حرم المكر والمكيدة بقوله تعالى وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فهذا مشكل من وجوه فيحتاج إلى جواب شاف كاف (فَاعْلَمْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم مبرأ) أي منزه (عمّا يقع في بال الجاهل) أي قلب الغافل (من هذا) المقام الكامل (ولتنزيه النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم عن ذلك) وعدم ظهور تأويل ذلك لهم فيما هنالك (ما) زائدة أو موصولة (قد أنكر قوم) من المحدثين منهم يحيى ابن أكثم (هذه الزّيادة) أعني (قوله) أي وهي قوله (اشترطي لهم الولاء إذ ليست) هذه الزيادة (في أكثر طرق الحديث) أي حديث بريرة فلا إشكال في بقية الإفادة وقد اعتل بتفرد مالك به عن هشام بن عروة وأنه لم يتابع عليه لكن الصحيح أنه تابعه عليه أبو أسامة وجرير في طريق متعددة (ومع ثباتها) أي ومع صحة هذه الزيادة وهو المعتمد لأن زيادة الثقة مقبولة بلا شبهة (فَلَا اعْتِرَاضَ بِهَا إِذْ يَقَعُ لَهُمْ بِمَعْنَى عليهم) فإن حروف الجر يستعار بعضها لبعض كما هو مقرر في محله من المغني ونحوه (قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ [الرَّعْدِ: ٢٥] ) أي عليهم والأظهر أن اللام فيه للاختصاص أي اللغة حاصلة لهم دون غيرهم (وقال وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها [الإسراء: ٧] ) أي فعليها وعدل عنها للمشاكلة أو الاختصاص كما قدمناه (فعلى هذا) القول بأن اللام بمعنى على فالمراد (اشترطي عليهم الولاء لك) فإنما هو لمن اعتق وهذا بعيد جدا من جهة المبنى والمعنى أما الأول فلأنه لا يصلح كون لهم هنا بمعنى عليهم وإن صح من غيره لأن اللام لا تكون كعلي إلا حيث لا لبس فإنه يقال اشترط له واشترط عليه كما يقال دعا له ودعا عليه وشهد له وشهد عليه وقضى له وعليه فلا ينوب أحدهما مناب الآخر فتدبر وأما الثاني فلما قدمه المصنف من أن موالي بربرة لم يرضوا إلا أن يكون ولاؤها لهم فلو رضوا لما وقع العتب في الخطبة عليهم وأن تكلف المصنف في دفعه بقوله (ويكون قيام النّبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم ووعظه لما سلف لهم من شرط الولاء لأنفسهم قبل ذلك) فعلى هذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام لعائشة اشترطي أظهري شرط الولاء لك وقيل معناه الوعيد الذي ظاهره الأمر وباطنه النهي قاله محمد بن شجاع ومنه قوله تعالى اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ ومعناه التهديد على عمله أن عملوه لأن صعوده على المنبر ونهيه دليل على ذلك فتدبر. (ووجه ثان) من وجوه الأجوبة (أنّ قوله عليه الصلاة والسلام اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ لَيْسَ عَلَى مَعْنَى الْأَمْرِ) المجزوم به للتأكيد ولا للتهديد (لَكِنْ عَلَى مَعْنَى التَّسْوِيَةِ وَالْإِعْلَامُ بِأَنَّ شَرْطَهُ لَهُمْ لَا يَنْفَعُهُمْ بَعْدَ بَيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم لهم قبل) أي قبل ذلك والمعنى قبل قوله لها اشترطيه لهم (أَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ فَكَأَنَّهُ قَالَ اشْتَرِطِي أو لا تشترطي) فحذفه يكون من باب الاكتفاء والمعنى وأن تَشْتَرِطِي (فَإِنَّهُ شَرْطٌ غَيْرُ نَافِعٍ، وَإِلَى هَذَا ذهب الدّاوديّ وغيره) من العلماء قاله الدلجي ويؤيده أنه قد ورد في بعض طرقه اشترطي أو لا تشترطي فإنما الولاء لمن أعتق وفيه بحث إذ المراد به أن الولاء لمن اعتق سواء اشترط عند شرائه الولاء لنفسه أو لم يشترط بأن اطلق الشراء وإنما الكلام فيما إذا لم يمرض البائع إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>