للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشرط الولاء لنفسه نعم يرد عليه إذا علم أن هذا الشرط باطل في الشريعة فأراد صلى الله تعالى عليه وسلم بقوله لها اشترطي أن شرطك لا يضرك هنالك بل يضرهم ذلك (وتوبيخ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم لهم وتقريعهم على ذلك) أي تصميمهم على شرطهم وامتناعهم من بيعها إلا أن يكون لهم الولاء (يدلّ على علمهم به) بأن شرطه لهم غير نافع (قبل هذا) التوبيخ والتقريع. (الوجه الثّالث) كأنه تفنن في العبارة (أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ أَيْ أظهري لهم حكمه) أي شريعته (وبيّني عندهم سنّته) أي طريقته وهو (أنّ الولاء إنّما هو لمن أعتق) وأن شرط لغيره فشرط الله تعالى أوثق وقضاؤه أحق؛ (ثمّ بعد هذا قام) أي هو كما في نسخة (صلى الله تعالى عليه وسلم) أي خطيبا واعظا (مبيّنا ذلك) لتعم الفائدة هنالك (وموبّخا) لهم (على مخالفة ما تقدّم منه فيه) وفي نسخة وموبخا على مخالفه بالإضافة هذا ومن قصة بريرة أنها لما أعتقت وهي منكوحة مغيث اختارت نفسها ولم تقبل شفاعة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في زوجها فقد قيل إنما فعلت ذلك إيثارا لخدمة النبي عليه الصلاة والسلام على خدمة زوجها وهو حسن مستحسن وذكر الغزالي في الإحياء وجها آخر وهو أنه عليه الصلاة والسلام لبس يوما واحدا ثوبا من سندس ثم نزعه وحرم لبس الحرير وكأنه إنما لبسه أولا لتأكيد التحريم كما لبس خاتما من ذهب يوما ثم نزعه فحرم لبسه على الرجال وكما قال لعائشة رضي الله تعالى عنها في شأن بريرة اشترطي لأهلها الولاء فلما اشترطته صعد المنبر فحرمه وكما أباح المتعة ثلاثة أيام ثم حرمها لتأكيد أمر النكاح انتهى وفيه بحث لا يخفى إذ يقتضي هذا أن الاشتراط أولا كان حلالا ثم صار حراما فينبغي أن يكون العقد الأول بشرطه صحيحا وليس كذلك بل العقد صحيح والشرط باطل فرجع الإشكال بأن فيه غررا بظاهر الحال؛ (فَإِنْ قِيلَ فَمَا مَعْنَى فِعْلِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السّلام بأخيه) أي شقيقه بنيامين (إذ جعل السّقاية) أي الصاع الذي كان يسقي فيه ويكال به أيضا لعزة الغلة في وقته وقد قيل كانت من زبرجد أو من ذهب أو فضة مرصعة (في رحله) أي وسط متاع أخيه (وأخذه) أي وأخذ يوسف أخاه وحبسه عنده (باسم سرقتها) أي بعنوان سرقته السقاية (وما جرى على إخوته في ذلك) بعمومهم (وقوله تعالى) حكاية عن المنادي ومن معه خطابا لإخوة يوسف (إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ [يوسف: ٧٠] ولم يسرقوا) جملة حالية (فَاعْلَمْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أنّ فعل يوسف كان) صادرا (عن أمر الله لقوله تعالى كذلك) أي مثل ذلك الكيد (كِدْنا لِيُوسُفَ) أي بينا الكيد له بأن أوحينا إليه ليأخذ أخاه في دين أبيه لأنه أولى من حكم غيره وقيل الكيد هنا جزاء الكيد يعني كما فعلوا بيوسف في الابتداء فعلنا بهم حال الانتهاء حتى ضم يوسف أخاه إلى نفسه وحال بينه وبين إخوته (ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ) فيضمه إلى نفسه في مثواه (فِي دِينِ الْمَلِكِ) أي حكمه إذ كان من دينه ضرب السارق وتغريمه مثلي ما سرقه دون الاسترقاق (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ [يوسف: ٧٦] ) بأن يجعل ذلك الحكم حكم ملك مصر فالاستثناء من أعم الأحوال ويجوز أن يكون منقطعا أي

<<  <  ج: ص:  >  >>