الممات) وفي نسخة نذير الموت أي منذر الموت ومخوف الوفاة كما ورد الحمى رائد الموت لأنها تنبئ عن قرب الفوت (وبقدر شدّتها) أي قوة الأمراض وقلتها (شدّة الخوف) أي خوف الفوت (من نزول الموت فيستعدّ) للموت (من أصابته) تلك الأمراض قبل الفوت (وعلم) أي المؤمن (تعاهدها له) أي تفقد الأمراض وتعاودها له استعداد تاما (لِلِقَاءِ رَبِّهِ وَيُعْرِضُ عَنْ دَارِ الدُّنْيَا الْكَثِيرَةِ الأنكاد) أي الكدورات وما أحسن قول ابن عطاء في حكمه ما دمت في هذه الدار لا تستغرب وقوع الأكدار (ويكون قلبه معلّقا بالمعاد) ويكون متهيئا لتحصيل الزاد ليوم التناد (فيتنصّل) من باب التفعل وفي نسخة فينتصل من باب الانفعال أي يتخلص وينفصل (من كلّ ما يخشى تباعته) بكسر أوله لا بفتحه كما وهم الحلبي بمعنى تبعته ومؤاخذته (من قبل الله تعالى) وهو أهون (وقبل العباد) وهو أقوى (ويؤدّي الحقوق) المتعلقة به جميعا (إلى أهلها) بقدر إمكان أدائها (وينظر) أي يتأمل (فيما يحتاج إليه من وصيّة) بما تركه إلى من يثق به (فيمن يخلّفه) بتشديد اللام المكسورة أي فيمن يعقبه إليه من ولد وعبد (أو أمر يعهده) إلى من يريده (وهذا نبيّنا صلى الله تعالى عليه وسلم المغفور له) أي ما تقدم من ذنبه وما تأخر كما في نسخة (قد طلب التّنصّل) أي التخلص (فِي مَرَضِهِ مِمَّنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مَالٌ) دينا أو قرضا (أو حقّ في بدن) يورث قصاصا أو أرشا (وأقاد من نفسه وما له) أي اعطى القود منهما مستحقه (وأمكن من القصاص منه) أي من نفسه (على ما ورد في حديث الفضل) أي ابن عمه العباس كما مر وفيه أنه صلى الله تعالى عليه وسلم ضرب أعرابيا بعود كان بيده فقال يا رسول الله القصاص غير مريد له فكشف له عن بطنه فالتزمه تبركا به (وحديث الوفاة) كما تقدم والله تعالى اعلم (وأوصى بالثّقلين بعده: كتاب الله تعالى) بالجر بدل مما قبله ويجوز رفعه ونصبه (وعترته) بكسر أوله أي أقاربه وأهل بيته وسميا بالثقلين إما لثقلهما على نفوس كارهيهما أو لكثرة حقوقهما فهما شاقان أو لعظم قدرهما أو لشدة الأخذ بهما أو لثقلهما في الميزان من قبل ما أمر به فيهما أو لأن عمارة الدين بهما كما عمرت الدنيا بالإنس والجن المسميين بالثقلين في قوله تعالى سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ، (وبالأنصار عيبته) بفتح العين المهملة وسكون التحتية فباء موحدة أي لأنهم موضع سره وأمانته ومحل رعايته وعنايته وحراسته ووقايته كعيبة الثياب التي يضع الشخص فيها متاعه النفيس، (ودعا) أي أصحابه في مرض موته (إلى كتب كتاب) أي كتابة مكتوب (لئلّا تضلّ أمّته بعده) إذا عملوا بكتابته فاختلفوا في ذلك وتنازعوا هنالك فقال دعوني فإنه لا ينبغي التنازع عند نبي وذلك الكتاب (إمّا في النّصّ على الخلافة) وفيه أن الوصية بالخلافة لا تحتاج إلى أمر الكتابة مع أنه قد أشار إليه بنصب الإمامة (والله أعلم بمراده) مما خطر بباله نصيحة لخلق الله تعالى وعباده (ثمّ رأى الإمساك عنه أفضل وخيرا) من الكتابة وأجمل (وهكذا سيرة عباد الله تعالى المؤمنين وأوليائه المتّقين) من الابتلاء بأنواع البلاء المذكورة لحال الفناء المهيئة للاستعداد ليوم اللقاء في دار البقاء (وهكذا كله) أي ما ذكر من حال