للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنبيائه وأوليائه الأبرار (يحرمه) بصيغة المجهول أي يحرم منه (غالبا الكفّار) وكذا الفجار (لإملاء الله لهم) أي إمهالهم إلى انصرام آجالهم (ليزدادوا إثما) ويستزيدوا ظلما ليكون لهم عذاب مهين فيما اكتسبوا جرما (وليستدرجهم) أي ليستدينهم الله درجة درجة في مراتبهم إلى ما يهلكهم بأشد عقبهم (من حيث لا يعلمون) ما يراد بهم بتواتر نعمه سبحانه وتعالى عليهم منهمكين في غيهم وضلالتهم كلما جدد لهم نعمة زادوا في طغيانهم وعصيانهم ظنا منهم أن تواتر النعماء عليهم تقريب وإسعاد وإنما هو تطريد وإبعاد، (قال الله تعالى: ما يَنْظُرُونَ) أي ما ينتظرون (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) وهي النفخة الأولى (تَأْخُذُهُمْ) بغتة وتهلكهم فجأة غافلين عنها لا يخطر ببالهم أمرها (وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) بفتح الخاء وكسرها واختلاسها أي والحال أنهم يختصمون في معاملاتهم وفي قراءة بسكون الخاء وكسر الصاد من خصم إذا اختصم وفي الحديث لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما يتبايعانه فلا يطويانه فلتقومن الساعة وقد رفع الرجل اكلته إلى فيه فلا يطعمها (فَلا يَسْتَطِيعُونَ أي حينئذ (تَوْصِيَةً) في أمرهم (وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ مُحْضَرُونَ [يس: ٤٩- ٥٠] ) أي ولا يقدرون أن يرجعوا إلى قومهم بل يموتون فجأة كلهم (ولذلك) أي لكون موت الفجأة مذموما في الجملة (قال عليه الصلاة والسلام) كما رواه أبو يعلى وابن أبي الدنيا عن أنس (في رجل مات فجأة) أي في حقه (سبحان الله) تعجبا من شأنه (كأنّه على غضب) أي وقع على سبب غضب يقتضي موته كذلك (المحروم من حرم وصيّته) تلويح بالحث على الوصية لئلا يموت الواحد فجأة لحديث ما حق أمرئ يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده وكأنه عليه الصلاة والسلام كشف له أن الرجل كان واجبا عليه الوصية في شيء من الأحكام فلا ينافي ما ورد عنه صلى الله تعالى عليه وسلم خلافه كما بينه المصنف بقوله (وقال) أي النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث أحمد عن عائشة بسند صحيح (موت الفجّأة راحة للمؤمن وأخذة أسف) أي غضب (للكافر أو الفاجر) قال الدلجي شك من أحد رواته وأقول الأظهر إنه للتنويع والمراد بالفاجر المنافق أو الفاسق (وذلك) أي كون موت الفجأة مختلفا هنالك (أن الموت) وفي نسخة لأن الموت (يأتي المؤمن غالبا مستعدّ له) أي لوصوله (منتظر لحلوله) متهيئ لنزوله (فهان أمره) أي سهل (عليه كيفما جاء) حال حصوله (وأفضى) أي أوصله (إلى راحته من نصب الدّنيا وأذاها) أي تعبها وأذيتها (كما قال عليه الصلاة والسلام) فيما رواه الشيخان عن أبي قتادة حين مر بجنازة (مستريح) أي الميت مستريح (ومستراح منه) أي أو مستراح منه وفي نسخة يستريح ويستراح منه قيل من هما يا رسول الله قال أما المستريح فالمؤمن يموت فيستريح من تعب الدنيا وأما المستراح منه فالظالم يموت فيستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب قال النووي أما استراحة العباد منه فاندفاع اذاه عنهم واستراحة الدواب منه فكذلك لأنه يؤذيها بالضرب والإيجاع وتحميل ما لا تطيقه واستراحة البلاد والشجر لأنها تمنع القطر بمعصيته (وتأتي الكافر والفاجر) بالواو أي الفاسق أو الظالم

<<  <  ج: ص:  >  >>