حياته ولا بعد مماته (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) أي لا بعد وفاته ولا بعد فراقه لها دخل بها أم لا تعظيما لقدره وتفخيما لأمره (إِنَّ ذلِكُمْ) أي الأذى من قبلكم (كانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً [الأحزاب: ٥٣] ) أي ذنبا جسيما في رجل من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال لئن قبض رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لأنكحن عائشة قال مقاتل بن سليمان هو طلحة بن عبيد الله فأخبر الله تعالى عز وجل أن ذلك محرك وروى معمر عن الزهري أن عالية بنت ظبيان التي طلقها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تزوجت رجلا وولدت له وذلك قبل تحريم نكاح أزواج النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وفي تفسير البغوي أنه نزل فيمن اضمر نكاح عائشة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (وقال تعالى في تحريم التّعريض له) أي التلويح بما يسوؤه من غير التصريح (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا) فإنه أمر بالمراعاة في مقام التصريح لكنه متضمن لمعنى الرعونة في مقام التلويح (وَقُولُوا) أي بدله (انْظُرْنا) أي انظر إلينا وراقبنا أو انتظرنا وتأن بنا حتى نفهم كلامك ونعلم مرامك (وَاسْمَعُوا [البقرة: ١٠٤] ) أي سماع قبول (الآية) أي وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ وفيه وعيد شديد وتهديد أكيد؛ (وذلك) أي سبب نزول الآية هنالك (أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَقُولُونَ رَاعِنَا يَا مُحَمَّدُ أي أرعنا سمعك) بفتح الهمزة وكسر العين والمعنى راعنا بسمعك وألقه إلينا (واسمع منّا) ولا تغفل عنا؛ (ويعرّضون) بتشديد الراء المسكورة أي ويلوحون (بالكلمة) التي هي سبة عندهم (يريدون الرّعونة) وهي بضم الراء الحماقة ويضحكون فيما بينهم فسمعها سعد بن معاذ ففطن لها فقال لليهود ولئن سمعتها من أحد منكم يقولها لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لأضربن عنقه فقالوا أو لستم تقولونها (فنهى الله المؤمنين عن التّشبّه بهم) ولو في الصورة (وقطع الذّريعة) أي الوسيلة وسد باب الفساد (بنهي المؤمنين عنها) أي عن كلمة راعنا (لِئَلَّا يَتَوَصَّلَ بِهَا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ إِلَى سَبِّهِ) أي طعنه (والاستهزاء به وقيل بل لما فيها) أي في كلمة راعنا (من مشاركة اللّفظ) أي المبنى ومشابهة المعنى (لِأَنَّهَا عِنْدَ الْيَهُودِ بِمَعْنَى اسْمَعْ لَا سَمِعْتَ) دعاء عليه كما قال أخبارا عنهم من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين لو أنه قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا وبهذا تبين أنه ما يصح كون كلمة راعنا بمعنى اسمع بل يينهما مغايرة، (وقيل بل لما فيها) أي في كلمة راعنا (مِنْ قِلَّةِ الْأَدَبِ وَعَدَمِ تَوْقِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى الله تعالى عليه وسلم) أي تبجيله (وتعظيمه لأنّها في لغة الأنصار) وفي نسخة لغة النصارى ولا وجه للتقييد بأحدهما إذ هي على وفق اللغة الجادة فإن المراعاة مفاعلة من باب المغالبة فيكون (بمعنى ارعنا) بوصل همزة وفتح عين أمر من الرعاية (نرعك) أي حتى نرعاك فحذف الألف للجزم في جواب الأمر وحيث كان يؤذن بأن رعايتهم له مشروطة برعياته لهم (فنهوا عن ذلك إذ مضمنه) بفتح