للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميم الثانية المشددة أي مضمونه (أَنَّهُمْ لَا يَرْعَوْنَهُ إِلَّا بِرِعَايَتِهِ لَهُمْ وَهُوَ عليه الصلاة والسلام واجب الرّعاية بكلّ حال) سواء راعاهم أو لم يراعهم (وهذا هو عليه الصلاة والسلام قد نهى) الحاضرين من أمته (عن التّكنّي بكنيته) وهي أبو القاسم إما بابنه القاسم وهو الظاهر أو كناه الله تعالى بذلك لقوله أنا قاسم بينكم وله كنية أخرى وهي أبو إبراهيم لابنه الآخر (فقال سمّوا) وفي نسخة تسموا (باسمي) أي محمد أو أحمد (ولا تكنّوا) من كنى مخففا أو مشددا وروي ولا تكتنوا (بكنيتي) بضم الكاف وبكسر وفيه إيماء إلى ان محط النهي هو الجمع بين الاسم والكنية لأنهما موجبان للشبهة (صيانة لنفسه) أي الكريمة كما في نسخة (وحماية عن أذاه) إذا أحد به غيره ناداه ولعل وجه النهي عن الكنية دون الاسم كونهم متأدبين معه حيث لا ينادونه باسمه لا سيما بعد نهيهم عنه بقوله تَعَالَى لَا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً أي لا تقولوا له يا محمد يا أحمد قولوا يا نبي الله يا رسول الله وأما ما ثبت من حديث أنس أن رجلا من أهل البادية قال يا محمد الحديث فلعله كان قبل النهي أو قبل بلوغه ونقل عن عز الدين بن عبد السلام أنه يجوز ذلك في الأدعية وكانوا ينادونه بالكنية لما فيه من نوع التعظيم في الجملة بحسب العرف والعادة ولما كان فيه شبهة المشاركة نهاهم عن ذلك ليكونوا متأدبين هنالك (إذ كان صلى الله تعالى عليه وسلم) كما رواه الشيخان عن أنس (استجاب) أي أجاب (لرجل نادى) غيره (يا أبا القاسم، فقال لم أعنك) بفتح فسكون فكسر أي لم أردك بهذا النداء، (إنّما دعوت هذا) واشار إلى رجل آخر وهو ابن القاسم الأنصاري مذكور في الصحابة، (فَنَهَى حِينَئِذٍ عَنِ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بإجابة دعوة غيره) وفي نسخة بإجابة دعوته غيره الصادرة (لِمَنْ لَمْ يَدْعُهُ وَيَجِدُ بِذَلِكَ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُسْتَهْزِئُونَ ذريعة) أي وسيلة (إلى أذاه) أي أذيته (والإزراء به) أي الاستحقار بدعوته والانتقاص في حالته (فينادونه) قصدا له (فإذا التفت قالوا: إنّما أردنا هذا) الواقف ونحوه (لسواه) أي لغيره عليه الصلاة والسلام. (تعنيتا له) تفعيل من العنت بفتحتين وهو المشقة إدخالا للتعب عليه في أمره وتنقيصا لقدره (واستخفافا بحقّه على عادة المجّان) بضم الميم وفتح الجيم المشددة جمع الماجن وهو الذي لا يبالي بما صنع (والمستهزئين فحمى عليه الصلاة والسلام حمى أذاه) بفتح الحاء في الأول وكسره في الثاني أي صان حريم ساحته عن أذى يلحقه في حالته (بكلّ وجه) في شريعته وطريقته؛ (فحمل محقّقو العلماء نهيه عن هذا) أي التكني بكنيته (عَلَى مُدَّةِ حَيَّاتِهِ وَأَجَازُوهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِارْتِفَاعِ العلّة) وهي ايذاؤه في تلك الحالة ولما سيأتي أيضا من الأدلة وقد أغرب الدلجي بقوله حملوا بلا دليل شرعي مع ترجيح ولا مرجح له وليس ارتفاع العلة بكاف في تجويزه بعدها مع صراحة عموم النهي المطلق عنه الشامل لما قبلها وما بعدها كيف وقد غير عمر في خلافته اسماء كثيرة من أولاد الصحابة ممن كان اسمه محمدا بغيره كاسم ابن أخيه غيره بعبد الرحمن مع أذنه صلى الله تعالى عليه وسلم في التسمية به فلأن يمنع من التكنية بكنيته مع النهي عنها أولى وممن منعه بها مطلقا الشافعي

<<  <  ج: ص:  >  >>