للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى وسيأتي الجواب عن تغيير عمر مع أنه بظاهره حجة عليه لأنه غير موافق لمذهبه وأما قول الشافعي ليس لأحد أن يكنى بأبي القاسم سواء كان اسمه محمدا أو لا لظاهر النهي فيرد عليه بأن الناس ما زالوا يكتنون به في سائر الأعصار من غير إنكار وذلك منهم بمنزلة الإجماع ولا تجتمع الأمة على الضلالة على ما قاله الأنطاكي وتبعه التلمساني، (وللنّاس في هذا الحديث مذاهب) أي كثيرة (ليس هذا موضعها) وسيأتي بعضها (وما) وفي نسخة والذي (ذكرناه) من تقييد النهي بحياته (هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَالصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى) عارضه الدلجي بقوله بل الصواب المنع مطلقا وقد سمعت الجواب محققا (أَنَّ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ تَعْظِيمِهِ وَتَوْقِيرِهِ وَعَلَى سبيل النّدب والاستحباب لا على التّحريم) وتعقبه الدلجي بأن هذا دعوى مجردة عن البينة لصدوره على خلاف الأصل من أن نهيه إنما كان للإيذاء المؤذن بوجوب الكف عن التكني بها إذ الاصل حمل لفظ النهي على حقيقته من التحريم حتى يقوم ما يصرفه عنها انتهى واعلم إن أقول الذي هو فصل الخطاب في هذا الباب أن حديث تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي أخرجه البخاري ومسلم من رواية جماعة من الصحابة منهم جابر وأبو هريرة وغيرهما فقال الشافعي ليس لأحد أن يكتنى بأبي القاسم سواء كان اسمه محمدا أم لا قال الرافعي ومنهم من حمله على كراهية الجمع بين الاسم والكنية وجوز الإفراد قال ويشبه أن يكون هو الأظهر لأن الناس ما زالوا يكتنون به في سائر الأعصار من غير انكار قال النووي في الروضة وهذا التأويل والاستدلال ضعيف والأقرب مذهب مالك وهو جواز الكنى بأبي القاسم مطلقا لمن اسمه محمد ولغيره والنهي مختص بحياته عليه الصلاة والسلام لأن سبب النهي أن اليهود تكنوا به وكانوا ينادون يا أبا القاسم فإذا التفت الني صلى الله تعالى عليه وسلم قالوا لم نعنك إظهارا للإيذاء وقد زال ذلك المعنى وهذا نقله العزالي في الإحياء عن العلماء (ولذلك لم ينه عن اسمه لأنّه) أي الشأن (قَدْ كَانَ اللَّهُ مَنَعَ مِنْ نِدَائِهِ بِهِ) أي باسمه (بقوله: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ) أي نداءه باسمه (كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً [النور: ٦٣] ) بأسمائكم (وإنّما كان المسلمون يدعونه) أي ينادونه (يا رسول الله يا نبيّ الله وقد يدعونه) هو بصيغة الجمع على الصواب وروي يدعوه بالإفراد قيل ووجهه يدعوه الداعي (بكنيته) يعني (أبا القاسم) أو فيقولون أبا القاسم أي يا أبا القاسم وفي نسخة أبي القاسم فلا اشكال (بعضهم) بدل من ضمير يدعونه أو هو فاعل يدعوه على حقيقة الإفراد وليس بعضهم في نسخة (في بعض الأحوال) لما استقر عندهم من أن الدعاء بالكنية إشعار بالتعظيم والإجلال وذكر الحلبي عن بعض مشايخه أن قول النووي في الروضة ما ذكره الرافعي أنه ضعيف وكذا قوله في الاذكار أن فيه مخالفة لأصل الحديث فيه نظر لأن فيه موافقة لحديث صحيح رواه أحمد وأبو داود والترمذي من حديث أبي الزبير عن جابر رفعه من تسمى باسمي فلا يكتني بكنيتي ومن تكنى بكنيتي فلا يسمي باسمي قال الترمذي حسن غريب وقال البيهقي في شعب الإيمان بعد أن أخرجه هذا حديث صحيح

<<  <  ج: ص:  >  >>