للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله تعالى عليه وسلم دمها قال ولم ينتطح فيها عنزان انتهى وقد ذكر ابن سعد في سيرته أن عصماء بنت مروان من بني أمية بن زيد كانت عند يزيد بن فريد بن حصن الخطمي وكانت تعيب الإسلام وتؤذي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وتحرض عليه الأنام وتقول الشعر فيه من نظم الكلام فجاءها عمير بن عدي في جوف الليل حتى دخل عليها بيتها وحولها نفر من ولدها نيام ومنهم من ترضعه في صدرها فجسها بيده ونحى الصبي عنها ووضع سيفه على صدرها حتى انفذه من ظهرها وكان ضرير البصر إلى آخر القصة فعمير ليس بزوجها وزوجها يزيد بن فريد بن حصن صحابي ولا اعلمه في العميان؛ (وفي حديث أبي برزة) بفتح الموحدة فسكون راء فزاء (الأسلميّ) على ما رواه أبو داود وصححه الحاكم ورواه البيهقي في سننه (قال كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ) رضي الله تعالى عنه (فغضب على رجل من المسلمين) أي ممن اغضبه عليه بسب أو بسبب آخر (وحكى القاضي إسماعيل) أي ابن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد المالكي البغدادي الحافظ (وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ) أي في سبب ورود حديث أبي برزة (أنه) أي الرجل (سبّ أبا بكر ورواه النّسائيّ) وهو أحد الأئمة الستة (أتيت أبا بكر وقد أغلظ لرجل) أي في القول (فردّ) أي الرجل (عليه) أي على أبي بكر (قال) أي قال أبو برزة (فقلت يا خليفة رسول الله دعني) أي اتركني (أضرب) بالجزم وقيل بالرفع (عنقه) أي بسبه لك كما في نسخة وكأنه مهتما بأمره (فقال اجلس فليس ذلك) أي قتل مثله (لأحد إلّا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم) كإخوته من الأنبياء لاشتراكهم في بعث النبوة وصفة الرسالة بخلاف غيرهم من آحاد الأمة ولو كانوا من أكابر الأئمة هذا والحديث رواه النسائي من طرق بألفاظ متعددة منها ما تقدم ومنها تغيظ أبو بكر على رجل ومنها مررت على أبي بكر وهو متغيظ على رجل من الصحابة ومنها غضب أبو بكر على رجل غضبا شديدا حتى تغي لونه ومنها كنا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَغَضِبَ عَلَى رَجُلٍ من المسلمين فاشتد غضبه عليه جدا ورواه أبو داود أيضا ولفظه عن أبي برزة كنت عند أبي بكر فتغيظ على رجل فاشتد عليه، (قال القاضي أبو محمد بن نصر) ومن كلامه في أيامه حال ضيق مرامه:

يا لهف قلبي على شيئين لو جمعا ... عندي لكنت إذن من أسعد البشر

كفاف عيش يقيني ذل مسألة ... وخدمة العلم حتى ينقضي عمري

(ولم يخالف عليه أحد) يعني فصار إجماعا أنه لا يقتل مسلم بسبب صحابي وينبغي أن لا يكون فيه خلاف إذ لو قتل أحد أبا بكر لم يكفر اتفاقا فكيف إذا سبه أحد ومن المعلوم أن جناية السب دون جناية القتل وإنما جوز بعض أصحابنا الحنفية قتل من سب أكابر الصحابة على وجه الزجر والسياسة وأما ما نقلوه فيه من حديث سب الشيخين كفر فلا أصل له وعلى تقدير صحة ثبوته فيجب تأويله كحديث من ترك صلاة متعمدا فقد كفر أي قارب الكفر أو يخشى عليه الكفر أو كفر النعمة أو محمول على استحلال المعصية أو عد سبهم عبادة وأمثال

<<  <  ج: ص:  >  >>