للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك والله تعالى اعلم بحقيقة ما هنالك، (واستدلّ) وفي نسخة فاستدل (الأئمة) أي علماء الأمة (بهذا الحديث) المروي عن أبي برزة المنتهي إلى أبي بكر الصديق (عَلَى قَتْلِ مَنْ أَغْضَبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُلِّ مَا أَغْضَبَهُ أَوْ أَذَاهُ أَوْ سَبَّهُ وَمِنْ ذَلِكَ كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عبد العزيز إلى عامله بالكوفة) قال الحلبي هذا الرجل لا أعرفه وقال التلمساني هو عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب (وقد استشاره) أي ذلك العامل عمر بن عبد العزيز (فِي قَتْلِ رَجُلٍ سَبَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عنه) الظاهر أن المراد به ابن الخطاب لأنه الفرد الأكمل في هذا الباب ولا يبعد أن يراد به عمر بن عبد العزيز (فكتب إليه عمر) أي ابن عبد العزيز (إنّه لا يحلّ قتل امرىء مسلم بسبّ أحد من النّاس) ولو بلا موجب وسبب (إِلَّا رَجُلًا سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ سَبَّهُ فَقَدْ حَلَّ دَمُهُ) أي إجماعا وذلك لخروجه عن دينه قطعا، (وسأل الرّشيد) وهو هارون بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وقد بويع له سنة سبعين ومائة في الليلة التي مات فيها أخوه الهادي لاثنتي عشرة ليلة بقيت من الربيع الأول وهو ابن احدى وعشرين سنة وشهرين وحج بالناس ست حجات ولم يزل واليا إلى أن مات بطوس من خراسان وهنالك قبره وذلك ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة وهو ابن سبع وأربعين سنة وكانت ولايته ثلاثا وعشرين سنة وشهرين وسبعة عشر يوما وكان يحج عاما ويغزو عاما وهو آخر خليفة حج في خلافته حج بعده كثير من قبل ولايتهم والحاصل أنه سأل (مالكا) إمام المذهب ما تقول (في رجل شتم النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) بخصوصه أو أحدا من جنسه (وذكر له) أي الرشيد (أنّ فقهاء العراق) أي الكوفة والبصرة أو فقهاء العجم (أفتوه) إذا سألهم عنه أجابوه (بجلده) أي بضربه حدا لشتمه (فغضب مالك) لفتواهم بذلك (وَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا بَقَاءُ الْأُمَّةِ) على الجادة (بعد شتم نبيّها) بهذه المثابة من عدم التفرقة بينه وبين غيره في تفاوت الرتبة (مَنْ شَتَمَ الْأَنْبِيَاءَ قُتِلَ وَمَنْ شَتَمَ أَصْحَابَ النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم) أحدا منهم (جلد) أي ضرب جلد الفرية. (قال القاضي أبو الفضل رحمه الله تعالى) أي المصنف (كذا وقع في هذه الحكاية) أي أن فقهاء العراق افتوا الرشيد بجلده (رَوَاهَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَنَاقِبِ مَالِكٍ) ممن اعتنى بجمعها وفي نسخة ممن ذكر مناقب مالك (ومؤلّفي أخباره وغيرهم) من رواة سيره وآثاره (وَلَا أَدْرِي مَنْ هَؤُلَاءِ الْفُقَهَاءُ بِالْعِرَاقِ الَّذِينَ أفتوا الرّشيد بما ذكر) من أنه يجلد ولا يقتل (وقد ذكرنا مذهب العراقيّين) وفي نسخة مذاهب العراقيين (بقتله ولعلّهم) أي من افتاه بجلده دون قتله (ممن لم يشتهر) وفي نسخة ممن لم شهر (بعلم) وهذا بعيد جدا وكذا قوله (أو ممن) وفي نسخة أَوْ مَنْ (لَا يُوثَقُ بِفَتْوَاهُ أَوْ يَمِيلُ به هواه) فأن مثل هؤلاء لا ينقل الرشيد عنهم فيتعين قوله (أو يكون ما قاله) أي نقله الرشيد (يحمل على غير السّبّ) الموجب لقتله (فيكون الخلاف) جاريا فيه (هل هو سبّ) فيقتل (أو غير سبّ) فيجلد (ويكون) أي الساب (رجع وتاب عن سبّه)

<<  <  ج: ص:  >  >>