للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي نسخة من سبه وهذا هو الأظهر لأنه الموافق لمذهب الكوفيين على ما تقرر (فلم يقله) أي لم ينقله الرشيد (لمالك) فلم يقله مالك (على أصله) أي حقيقة وقوعه (وإلّا فالإجماع على قتل من سبّه) أي في الجملة (كما قدّمناه) وإن كان منهم من قال فإن تاب قبلت توبته بل يجب أو يستحب أن يستتاب والله تعالى اعلم بالصواب (ويدلّ على قتله من جهة النّظر) أي نظر العقل (والاعتبار) أي طريق القياس (أنّ من سبّه أو تنقّصه عليه الصلاة والسلام) كغيره من الأنبياء الكرام (فقد ظهرت علامة مرض قلبه) أي من سوء اعتقاده بربه (وبرهان سرّ طويّته) أي ودليل خبث باطنه وفي نسخة وبرهان لسوء طويته أي فساد نيته (وَكُفْرِهِ، وَلِهَذَا مَا حَكَمَ لَهُ كَثِيرٌ مِنَ العلماء بالرّدّة) الصواب ما قاله التلمساني أن ما زائدة أو موصولة بخلاف قول الدلجي حيث جعلها ناقية وقال لعدم قطعهم بكفره وأن حكم به ظاهرا انتهى وهو خلاف مذهبهم لأنهم قالوا بكفره قطعا إلا أنهم يقبلون التوبة منه خلافا لمالك على ما تقدم ويدل عليه قوله (وهي) أي الردة (رِوَايَةُ الشَّامِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ وأبي حنيفة والكوفيّين) أي وسائرهم (والقول الآخر) أي الرواية الأخرى عن مالك (أنه) أي سبه (دليل على الكفر) أي بحسب ظاهر الأمر (فَيُقْتَلُ حَدًّا وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِالْكُفْرِ) قطعا وقال التلمساني ومعناه أنه مسلم انتهى فيتفرع عليه أنه يغسل ويصلي عليه ويدفن في مقابر المسلمين ونحو ذلك (إلّا أن يكون متماديا) أي مصرا مستمرا (على قوله غير منكر له) أي لمضمونه (ولا مقلع عنه) بتركه (فهذا كافر) وفي نسخة كفر أي بلا خلاف فقتله يكون كفرا كالزنديق لأحدا كالمرتد عنده، (وقوله) أي الذي تمادى منه (إمّا صريح كفر كالتّكذيب به) عليه الصلاة والسلام أو بما جاء به عن ربه (ونحوه) كنسبة إبليس ربه تعالى إلى الجور والظلم إذ أمره بالسجود لآدم عليه السلام زاعما أنه خير من آدم (أو من كلمات الاستهزاء والذّمّ) مما هو غير صريح كفر في مقام الفهم (فَاعْتِرَافُهُ بِهَا وَتَرْكُ تَوْبَتِهِ عَنْهَا دَلِيلُ اسْتِحْلَالِهِ لذلك وهو) أي استحلال المعصية (كفر أيضا فهذا) المستحل (كافر بلا خلاف) أي إذا لم يتب وفيه دليل على أنه ممن يستتاب في مذهب مالك أيضا فعنه روايات والله تعالى اعلم بالصواب وقال الأئمة إذا كان في المسألة قولان أحدهما فيه تشديد والآخر فيه تخفيف فلا يجوز للمفتي أن يفتي العامة بالتشديد والخواص من ولاة الأمر بالتخفيف وذلك قريب من الفسوق والخيانة في الدين والتلاعب بالمسلمين والحاكم كالمفتي سواء وكذلك لا يأخذ في أمر نفسه بالتخفيف ويشدد على الناس بل الأولى له العكس وروي أن العبد يسأل عن فتواه هل أفتى بعلم أو جهل وهل فتواه نصيحة أو خذلان وهل أراد وجه الله تعالى أو الرياسة كذا ذكره التلمساني وقال بعض علمائنا إذا وجدت رواية واحدة بعدم تكفير مسلم وتسع وتسعون رواية بتكفيره فينبغي للمفتي أن يختار تلك الرواية لأن إبقاء ألف كافر في الدنيا أهون من أفناء مسلم من أمر العقبى (قال الله تعالى في مثله) أي مثل هذا المعترف بكلمات الاستهزاء والذم (يَحْلِفُونَ) أي المنافقون (بِاللَّهِ مَا قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>