للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه ويحبّب إليهم الإيمان ويزيّنه في قلوبهم) باللطف والإحسان (ويدارئهم) أي ويسامحهم ويدافعهم فهو من الدرء مهموز وقد يخفف فقول الحلبي غير مهموز وقد يهمز ليس في محله ومن المخفف قولهم:

فدارهم ما دمت في دارهم ... وأرضهم ما دمت في أرضهم

(ويقول لأصحابه إنّما بعثتم) تغليبا لهم لكثرتهم على نفسه الشريفة تواضعا معهم أو بعثتم بمعنى ارسلتم بعدي إلى من بعدكم (ميسّرين) بكسر السين أي مسهلين (ولم تبعثوا منفّرين) بتشديد الفاء المسكورة أي مشددين رواه الترمذي عن أبي هريرة ولفظه إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ولعل المصنف وجد في رواية قوله منفرين أو نقله بالمعنى وقد أغرب التلمساني حيث اعترض على المصنف وصوابه معسرين من العسر لمطابقة الظاهر ولكنه راعى الطباق الخفي لأن التيسير لازم السكون كما أن التنفير لازم العسر (ويقول يسّروا ولا تعسّروا) أي هونوا ولا تشددوا (وسكّنوا) أي قرروا (ولا تنفّروا) رواه أحمد والشيخان والنسائي عن أنس رضي الله تعالى عنه بلفظ يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا (ويقول) أي في الاعتذار عن عدم قتل المنافقين (لا يتحدّث النّاس) أي لا يقول بعضهم لبعض (أنّ محمّدا يقتل أصحابه) فيكون تنفيرا لمن أراد أن يأتي إلي بأنه (وكان صلى الله تعالى عليه وسلم يدارىء) بالهمز وإبداله أي يدافع (الكفّار والمنافقين) ويلاطفهم وقد ورد رأس العقل بعد الإيمان بالله التجب إلى الناس رواه الطبراني في الأوسط عن علي كرم الله وجهه ورواه البزار والبيهقي عن أبي هريرة بلفظ التودد بدل التحبب ورواه البيهقي عن علي أيضا رأس العقل بعد الدين التودد إلى الناس واصطناع الخير إلى كل بر وفاجر وزاد البيهقي عن أبي هريرة في رواية وأهل التودد في الدنيا لهم درجة في الجنة وفي رواية له عنه رأس العقل والمداراة (ويجمل صحبتهم) من أجمل بالجيم أي يحسن أو من أجمل جمع بعد تفرقة وفي نسخة بالحاء المهملة من حمل أي يتحمل كلفة صحبتهم (ويغضي عنهم) من الاغضاء بالغين والضاد المعجمتين أي يغمض عينه عن عيبهم وفي نسخة عليهم أي يخفي عليهم ذنبهم (ويحتمل من أذاهم) من تبعيضية أو زائدة ويدل عليه أنه وفي نسخة صحيحة ويحتمل إذا هم أي يتحمل على أذاهم (ويصبر على جفائهم) وهذا كله لقوله تَعَالَى يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا أي دع مكافأة أذيتهم إياك فإنا كفيناك والحاصل أنه كان يجوز له (مَا لَا يَجُوزُ لَنَا الْيَوْمَ الصَّبْرُ لَهُمْ) أي للمنافقين ونحوهم (عليه) أي على ما صدر من فعلهم وقولهم لأنا مأمورون بزجرهم على كفرهم وبعدم اكرامهم في مرامهم (وكان يرفقهم) بفتح الياء وكسر الفاء من الرفق ضد العنف وهو لين الجانب وبضم الياء من الأرفاق يقال رفق به وحكى أبو زيد أرفقت به وأرفقته بمعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>