يلطف بهم (وبالعطاء) لهم (والإحسان) إليهم تفاديا من نفرتهم عن حضرته وامتناعهم عن قبول ملته (وَبِذَلِكَ أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ تَعَالَى وَلا تَزالُ) أي دائما (تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ) أي خيانة تبدر وجناية تصدر عنهم كما هو دأبهم وديدنهم اقتداء بمن قبلهم (إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ) وهو من آمن منهم أو كان مقتصدا فيهم (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) أي وأعرض عنهم (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة: ١٣] ) معهم ومع غيرهم تخلقا بأخلاق الله فيهم حيث يرزقهم ويعافيهم فقيل هذا قبل أمره بقتالهم وقيل اعف عن مؤمنيهم ولا تؤاخذهم بما سلف منهم (وقال الله تعالى: (ادفع) أي السيئة التي وردت عليك منهم بالحسد والعداوة (بِالَّتِي
) أي بالحسنة التي (هِيَ أَحْسَنُ
) من أختها وهي العقوبة والمكافأة بمثلها والمجازاة بنحوها أو بأن تحسن إليه بإساءته إليك (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ) أي بسبب مدافعة السيئة بالحسنة (كَأَنَّهُ وَلِيٌّ) نصير لك مائل إليك (حَمِيمٌ [فصلت: ٣٤] ) قريب مشفق عليك (وذلك) أي ما أمره الله به من المداراة وعدم المجازاة (لحاجة النّاس) أي همومهم (للتّألّف) وفي نسخة من التألف أي طلب الألفة وعدم النفرة (أوّل الإسلام) في أوائل الهجرة إلى مدينة السلام (وجمع الكلمة عليه) أي ولاجتماع كلمة الأمة لديه (فلمّا استقرّ) أمره وثبت حكمه وعلا قدره وأعلى نوره (وأظهره الله على الدّين) أي أنواعه (كلّه) أي جميعه حسب ما وعده له بقوله هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ (قَتَلَ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) ممن عاداه (واشتهر أمره) فيمن باداه (كفعله) عليه الصلاة والسلام (بابن خطل) وهو متعلق بأستار بيت الله الحرام (ومن عهد بقتله) أي كفعله بقتل من أوصى بقتله (يوم الفتح) من بعض الرجال والنساء فمنهم من قتل وذهب إلى جهنم ومنهم من تاب وأسلم (ومن) أي وقتل من (أمكنه قتله غيلة) بكسر المعجمة أي خفية أو غفلة (من يهود) كابن أبي الحقيق وابن الأشرف (وغيرهم) أي وغير يهود على ما مر ذكرهم (أو غلبة) بفتحتين أي أو قتله شهرة وعلانية كَالنَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ (ممّن لم ينظمه) بكسر الظاء المعجمة أي لم يشمله (قبل) أي قبل قتله (سلك صحبته) أي خيط محبته وحياطة مودته وحيازة معرفته (والانخراط) أي ولم ينظمه الدخول والاختلاط (فِي جُمْلَةِ مُظْهِرِي الْإِيمَانِ بِهِ مِمَّنْ كَانَ يؤذيه) بلسانه ويطعن في شأنه (كابن الأشرف) المحروم عن الشرف (وأبي رافع) الذي نسبه له غير نافع (والنّضر بن الحارث) بالضاد المعجمة وهو الذي لم يحصل له النصر (وعقبة بن أبي معيط) بضم العين وسكون القاف الذي دخل في عقبة النار وعقبى الفجار في دار البوار (وكذلك هدر) بفتح الهاء والدال المهملة والراء أي أبطل (دم جماعة) وفي أصل الدلجي ندر بالدال وقال أي أسقط وأهدر انتهى وفي القاموس الهدر محركة ما يبطل من دم وغيره هدر يهدر ويهدر هدرا وهدرا وهدرته لازم ومتعد وأهدرته فعل وأفعل بمعنى وندر الشيء ندورا سقط من جوف شيء أو من بين اشياء انتهى فظهر أنه لم يأت بمعنى اسقط وأهدر نعم فيه أن أندر الشيء أسقط وهو كذا في أصل الأنطاكي ولكن