للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضت العداوة فانقضت اسبابها ... ودعت أوامر بيننا وحكوم

فاغفر فدى لك والد أي كلاهما ... زللي فإنك راحم مرحوم

وعليك من علم المليك علامة ... يوم أغر وخاتم مختوم

(وغيرهما ممّن آذاه) بألسنتهم (حتّى ألقوا) أنفسهم بأيديهم (بين يديه) وهو كناية عن إسلامهم واستسلامهم لديه (ولقوه مسلمين) أي منقادين مخلصين متوجهين إليه صلى الله تعالى عليه وسلم (وبواطن المنافقين مستترة وحكمه عليه الصلاة والسلام على الظّاهر) أي وأحكامه على ظواهرهم مستقرة مستمرة في العلانية (وأكثر تلك الكلمات) المؤذية (إنّما كان يقولها القائل منهم خفية) بضم أوله وكسره (ومع أمثاله) أي من يهودي أو منافق كما قال تعالى وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (ويحلفون عليها) إنكارا لها (إذا نميت) بصيغة المجهول مخففا أي رفعت إليه (وينكرونها) إذا وصلت لديه (ويحلفون بالله ما قالوا) كما أخبر الله تعالى عنهم وأكذبهم بقوله (وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ) وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وهموا بما لم ينالوا في مرامهم من قتل الرسول وهو أن خمسة عشر منهم توافقوا عند مرجعه من تبوك أن يدفعوه عن راحلته إلى الوادي إذا تسنم العقبة بالليل أي علاها فيه فأخذ عمار بن ياسر بخطام راحلته يقودها وحذيفة خلفها يسوقها فبينما هما كذلك إذ سمع حذيفة بوقع أخفاف الإبل وقعقعة السلاح فقال إليكم إليكم يا اعداء الله فهربوا (وكان) عليه الصلاة والسلام لكونه رحمة للعالمين (مع هذا) أي ما فعلوه وقالوه (يطمع في فيئتهم) بفتح الفاء ويكسر وسكون التحتية تفسيره قوله (ورجوعهم إلى الإسلام وتوبتهم) من الآثام (فيصبر عليه الصلاة والسلام على هناتهم) أي زلاتهم في مقالاتهم (وهفوتهم) أي وسقطاتهم وفي نسخة وجفوتهم أي وغلظتهم في حالاتهم (كما صبر أولو العزم) أي أصحاب الجد والحزم (من الرّسل) قيل من بيانية والأصح أنها تبعيضة وأنهم محمد ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام وقيل غير ذلك وقال البغوي الذين ذكرهم الله تعالى على التخصيص في قوله وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وفي قوله شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا انتهى وقدم النبي عليه الصلاة والسلام في الآية والأولى للإيماء إلى أنه في المرتبة الأعلى وأنه أول في عالم الموجود وإن كان آخرا في مقام الشهود (حتّى فاء) أي رجع إلى الإسلام (كثير منهم باطنا) في الآخر (كما فاء ظاهرا) في الأول (وأخلص سرّا) في الاستقبال (كما أظهر جهرا) في أول الحال (ونفع الله بعد) أي بعد ذلك من اخلاصهم هنالك (بكثير منهم) في أمر الجهاد وغيره (وقام منهم للدّين وزراء وأعوان) أي أمراء (وحماة) بضم الحاء وتخفيف ألميم أي قضاة (وأنصار) للدين ولو ينقل علوم اليقين (كما جاءت به الأخبار) التي ذكرها أرباب السير من المحدثين (وبهذا) الجواب (أجاب بعض أئمتنا) أي المالكية وغيرهم (رحمهم الله عن هذا السّؤال) المشتمل

<<  <  ج: ص:  >  >>